استئناف وهو جواب عن سؤال مقدر، كأن قائلا قال له: قد قلت إن القراض بالدين لا يصح فما حكمه إذا وقع؟ فأجاب بقوله: "واستمر"، وقوله: "ويشهد" الإشهاد برجلين أو رجل وامرأتين ولا يتصور أن يكون هنا بشاهد ويمين.

وعلم مما قررت أن القبض وحده من دون إشهاد كافٍ وأن الإحضار لا بد معه من الإشهاد على براءة الذمة، فإن أحضره من غير إشهاد فذلك غير كاف، وحكى اللخمي والتونسي عن أشهب أن الربح بينهما. قاله الشارح. وقال عبد الباقي: فإن قبضه ربه أو أحضره له مع إشهاد رجلين أو رجل وامرأتين على براءة ذمته منه كما يفيده الشارح أو على وزنه كما في المواق والحطاب ثم دفعه له قراضا صح لانتفاء التهمة المتقدمة وكلامهما في متعامل به وزنا، وأما المتعامل به عددا أو بهما معا فالإشهاد على ما به التعامل، ثم مقتضى كلام المص أنه بمجرد القبض يصح القراض ولو أعاده له بالقرب، وفي السلم الأول من المدونة مثل ما هنا؛ لأنه قال فيمن له على رجل دين فقال أسلمه في طعام لم يجز حتى يقبضه ثم يرده، ونص في صرفها على أن من قضى لرجل دينا له لا يعيده له سلما في طعام بقرب ذلك أي لاحتمال التواطئ في القبض وقصدهما فسخ دين في دين ونصَّ فيه أيضا على أن من أسلم إلى رجل دراهم ثم قضاه دينا له عليه بحدثان ذلك أن ذلك لا يجوز للعلة المتقدمة أيضا، والفرق أنه في مسألتي الصرف نقله من ذمة إلى ذمة، فلذا اشترط فيه عدم القرب، وفي مسألتي القراض والسلم نقله من ذمة إلى أمانة فلذا جاز عند القبض ولو أعاده بالقرب والمغصوب يكفي في صحة القراض به إحضاره. انتهى. كلام عبد الباقي.

قوله: أو على وزنه كما في المواق والحطاب هذا هو الظاهر وهو مستلزم براءة الذمة، وقوله: يصح القراض ولو أعاده له بالقرب لخ بهذا صرح أبو الحسن، ونصه: التهمة تزول بالقبض وإن أعاده بالقرب. انتهى. ونقله في التوضيح. وقوله في مسألتي القراض والسلم نقله من ذمة إلى أمانة هذا الفرق صحيح في القراض، وأما في السلم فيصح بأن صورة مسألة السلم أن يقول رب المال للمديان ادفع مالي في ذمتك لغيرك رأس مال سلم في طعام أو غيره، فالمدين مأمور بأن يدفع ما في ذمته لمسلم إليه نائبا في ذلك عن رب المال، فقبل أن يأمره بالدفع للمسلم إليه كان الدين في ذمة المدين وقبل الدفع وبعد الأمر كان بيد الدين على وجه الأمانة ليدفعه فيما أمره به صاحب الحق،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015