فيصدق عليه إذ ذاك أنه انتقل من ذمة إلى أمانة، وعلى هذا يتم الفرق الذي ذكره أبو الحسن، وعلى هذا ففاعل قال أسلمه لي يعود على من التي هي واقعة على رب الدين؛ أي قال رب الدين لدينه ادفع مالي عليك سلما لغيرك. انتهى.
ولا برهن أو وديعة يعني أن من رهن عينا لا يجوز للراهن أن يقارضه بها، وكذا المودع إذا كانت الوديعة عينا لا يجوز أن يقارضه المودع بالكسر بها، وإنما لم تجز المقارضة بذلك لاحتمال أن يكون المرتهن أو المودع بالفتح أنفق ذلك فيكون مقارضة بالدين، وقد مر أنه لا تصح المقارضة به وهذا ما لم يقبض الراهن أو المودع بالكسر العين، وأما لو قبضها فإنه تصح المقارضة حينئذ لانتفاء العلة المذكورة، وكذا لو أحضرها مع الإشهاد فإنه تصح المقارضة كما مر في الدين، ولا فرق في منع المقارضة بالرهن والوديعة بين أن يكون ذلك بيد العامل أو المودع بالفتح أو بيد غيره ولهذا قال: وإن بيده أي وإن كان ذلك بيد العامل وهو المودع بالفتح أو المرتهن، وفي قبل المبالغة حيث كان بيد غيرهما وتصور كونه بيد غير المرتهن ظاهر؛ لأن المرهن تارة يكون بيد المرتهن وتارة يكون بيد الأمين، ويتصور كونها أي الوديعة بيد غير المودع بالفتح بأن يودع لسفر أو لعورة حدثت على ما مر في الوديعة، وإذا اتضح لك تصور هذا، ففي المبالغة شيء لأنها أي العين إذا كانت بيد المودع بالفتح أو بيد المرتهن شبيهة بالدين خوف أن يكون المودع بالفتح أو المرتهن أنفقها فهو أشد في المنع، فلو قال: وإن بيد غيره لاتضحت المبالغة فالتعين العكس؛ لأن ما بيده يشبه الدين وما بيد غيره يشبه في إذا قال اقتض الدين الذي على فلان واعمل به، ولا شك أن الأول أشد في المنع فمحل المبالغة هو الثاني كما قاله ابن غازي. قاله البناني. وقوله: "لا برهن أو وديعة" مفهوم قوله: "مسلم"، وكذا قوله: "لا بدين" كما مر. تنبيه: قد مر في الحل أن القبض والإحضار مع الإشهاد كل منهما كاف في صحة المقارضة، قال عبد الباقي: ثم محل المنع في الرهن في لم يقبض كما في المدونة والإحضار ليس كافيا، وعند ابن القاسم أنه كاف وهو خلاف ما فيها، وأما الإحضار مع الإشهاد على براءة الذمة فينبغي أن يكون كالقبض. قاله أحمد. ومحل عدم القراض بالوديعة ما لم يحضرها ويقبضها وإلا جاز كما في المدونة. انتهى. وأما الإحضار مع الإشهاد فقال الأجهوري: إنه يكفي وإن لم ينضم له إشهاد، قال البناني: والصواب في قاله الأجهوري.