إلا بحاجز بين النصيبين إما في أصل العين وهو يؤدي إلى نقص الماء، وإما في محل جريه وهو لا يضبط الأنصباء لأنه قد يعرض ولو من الريح ما يميل به إلى جهة. والله أعلم. انتهى.

فإن قيل فرض في المدونة المسألة في العين وهي مما لا يمكن قسمة فكيف يقال إنها تقسم بالمراضاة؟ فالجواب أن قسمها بقسم الأماكن التي تجري إلى الشركاء كما يرشد إليه كلام البساطي عبد الباقي ولم يرد يعني المص نفس الموضع الذي يجري فيه الماء؛ لأن عدم الجبر فيه أولى لعدم تمييز نصيب كل بقسمه؛ إذ قد يقوى الجري في محل دون آخر بسبب إمالة الريح، وأشعر قوله: "لا يجبر" أن قسمة بالمراضاة جائز وهو كذلك، ولما علم منه أن القسمة لا تتعلق بالعين بقيد كونها جارية ولا بمحل جري الماء أشار إلى أنها تتعلق بالاء نفسه فقط، وإلى الحيلة في قسمة بقوله: وقسم بالقلد يعني أن الماء يقسم بالقلد، والقلد بالكسر هو الآلة التي يتوصل بها إلى إعطاء كل ذي حق حقه ولا منافاة بين قوله: "ولا يجبر على قسم مجرى الماء"، وقوله: "وقسم بالقلد" وذلك ظاهر إن حمل مجرى الماء على حقيقته، وأما إن حمل مجرى الماء على الماء الجاري فلا منافاة أيضا لأن التقدير في الأول لا يجبر على قسم مجرى الماء بغير المقلد وقسم بالقلد ويأتي للمص في الموات: "وقسم بقلد أو غيره" وتعقُّب بعضهم زيادة أو غيره، قال البناني: يجاب عن المص بأنه في الموات أراد به خصوص القدر كما لابن الحاجب ونحوه في شفعة المدونة، فلذا زاد قوله "أو غيره" وأراد به هنا مطلق الآلة من استعمال الخاص في العام. انتهى المراد منه.

قوله: "وقسم بالقلد" ذكر له ابن الحاجب ثلاث صفات: الأولى أن تجعل قدور على قدر الأنصباء وتثقب والقدر المثقوب لا يرسل الماء الذي فيه على أربابه، وإنما هو آلة للزمن الذي يرسل فيه النهر المشترك على أرباب الحوائط، فإذا كان الشركاء في الماء ثلاثة لواحد النصف ولآخر الثلث ولآخر السدس فإنه يرسل النهر بمقدار نزول ثلاث قدور من مثقابها لذي النصف، ومقدار نزول الماء من مثقاب قدرين لذي الثلث، ولمقدار نزوله من مثقاب قدر مرة لذي السدس، فإرسال الجرار لغير الحوائط وإنما هو لمعرفة قسم ماء النهر. الثانية أن يعرف مقدار ما يسيل من النهر من الماء يوما وليلة ويقسم ذلك القدار من الماء على أنصبائهم ويجعل كل واحد مقداره منه في قدر أو قدور بالمثقاب الأول ويجري النهر له حتى ينفد، وإيضاح هذا أن تقول يأمر الإمام رجلين مأمونين أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015