يجتمع الورثة على الرضا بهما، فيأخذان قدرا من فخار وشبهها فيثقبان في أسفلها بمثقب يمسكانه عندهما ثم يعلقانها ويجعلان تحتها قصرية ويعدان الماء في جرار، ثم إذا انصدع الفجر صبا الماء في القدر فسال الماء من الثقب، فكلما هم الماء أن يفرغ صبا حتى يكون سبيل الماء معتدلا النهار كله والميل كله إلى انصداع الفجر، فينحيانها ويقسمان الماء على أقلهم سهما كيلا أو وزنا ثم يجعلان لكل وارث قدرا يحمل سهمه من الماء ويثقبان كل قدر منها بالمثقب الذي ثقبا به القدر الأولى، فإذا أراد أحدهم السقي علق قدره بمائه وصرف الماء كله إلى أرضه فسقى ما سال الماء من قدره، ثم كذلك بقيتهم ثم إن تشاحوا في التبدئة استهموا.

قوله: ثم يجعلان لكل وارث قدرا يحمل سهمه، ابن يونس: إنما يصح ذلك إن تساوت أنصباؤهم؛ لأن القدر كلما كبرت ثقل الماء فيها فقوي جريه من الثقب حتى يكون مثلي ما يجري من الصغيرة أو أكثر، والذي أرى أن يقسم الماء بقدر أقلهم سهما فيأخذ صاحب السهم قدرا ويأخذ صاحب عشرة الأسهم عشرة قدور وهذا بين. انتهى. انظر المواق. وفي نوازل الشعبي: ليس للذي تبعد أرضه من المقلد أن يقول لا تحبسوا علي الماء حتى يدخل أرضه لأن أرضه قد قومت في القسم بدون ما قومت به الأرض القريبة من الماء. انتهى. نقله المواق.

قال مقيده عفا الله تعالى عنه: قد علمت في كلا الطريقين أن الماء الذي يرسل من القدر ليس مرسلا إلى أصحاب الحوائط وإنما هو آلة لمعرفة الزمن الذي يرسل فيه النهر، والذي يظهر لي أن الطريق الأولى هي طريق ابن يونس؛ لأن الطريق الأولى لم يذكر فيها التحديد بمعرفة ما يسيل النهار كله والميل كله. والله تعالى أعلم. الثالثة أن يقسم بخشبة فيجعل فيها خروق. انتهى. وإيضاح هذا أن يرسل النهر إلى الخشبة المثقوبة بعدد الأنصباء فينفذ الماء من الخروق إلى الحوائط. قاله مقيده عفا الله تعالى عنه.

كسترة بينهما يعني أن الشخصين إذا كان بينهما ساتر فسقط فإنه لا يجبر الآبي منهما عن إعادته على الإعادة، ويقال لطالب الإعادة استر على نفسك، وقوله: "بينهما" معناه موضوعة بينهما لا أنها مشتركة بينهما؛ إذ لو كانت السترة مشتركة بينهما لجبر الآبي منهما على الإعادة، فقوله: "كسترة بينهما" تشبيه في عدم الجبر من قوله: ولا يجبر على قسم مجرى الماء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015