الآخر أنه يشترط الخلط الحكمي، وأما الخلط الحسي فلم ينقل عن أحد اشتراطه، فإذا عرفت هذا فالأقرب فيما يفسر به المص أن تقول: قوله: "خلط" بصيغة الماضي مبني للمفعول عطف على قوله: "سلما" أي وصحت المزارعة إن سلما من كراء الأرض بممنوع وصحت إن خلط البذر حيث كان البذر من عندهما، وقوله: "ولو بإخراجهما" أي صحت إن خلط البذران حقيقة بأن يخلطا قبل البذر، بل ولو كان الخلط حاصلا بسبب إخراجهما معا البذر، ويختلط بعد الزراعة بحيث لا يتميز زرع أحدهما عن الآخر، وقد علمت أن هذا أمر متفق عليه وحينئذ فليست ولو لدفع الخلاف بل لدفع الوهم؛ لأن هذا قد وقع له في مواضع من هذا الكتاب، ويكون المراد باشتراط الخلط اشتراطه على وجه الكمال لا على وجه الصحة وإن كان ذلك غير متبادر من كلام المص. انظر الرهوني.

قال اللخمي: اختلف إذا كان البذر منهما هل يشترط الخلط في الصحة؟ فأجاز مالك وابن القاسم الشركة إذا أخرجا قمحا أو شعيرا وإن لم يخلطاه على أصلهما في العين الدنانير والدراهم إن لم يخلطاها، واختلف عن سحنون، فقال مرة بقول مالك وابن القاسم، وقال مرة إنما تصح الشركة إذا خلطا الزريعة أو حملاها إلى الفدان أو جعلاها في بيت. اهـ. وقد علمت مما مر الفرق بين قولي سحنون وهو أن أحدهما لا يشترط الخلط الحكمي فيكفي أن يخرجا بالبذر، ويبذر كل واحد منهما في ناحية فيكون زرع كل واحد منهما متميزا عن زرع الآخر، وقد علمت أن هذا هو المشهور وهو قول مالك وابن القاسم، وقوله: "الآخر" أنه لابد من الخلط الحكمي بأن يختلطا بعد الزراعة حتى لا يتميز أحدهما عن الآخر، فإن لم يفعلا فلا شركة بينهما فلكل منهما زرعه وهو خلاف المذهب، وأما الخلط الحسي وهو أن يخلطا الحب قبل البذر فلم ينقل عن أحد اشتراطه، وفي التوضيح: وعند ابن القاسم أن الشركة جائزة خلطا أو لم يخلطا. ابن عبد السلام: ولعل المص إنما سكت عنه لاحتمال جواز الإقدام على ذلك ابتداء وأنه ممنوع منه أوَّلا، لكنه إن وقع مضى وهو الظاهر من تفريعه. اهـ.

قال الرهوني: فهذا الذي قصد في مختصره ويشهد لما قاله كلام المتيطى، ونصه على اختصار ابن هارون: والصواب أن يخلط العامل البذر قبل الزراعة، فإن لم يفعل وزرع كل واحد إلى ناحيته،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015