فقال سحنون في كتاب ابنه: لا شركة بينهما، ويأخذ كل واحد ما أنبت بذره ويتراجعان الأكرية، ثم قال: وروى عيسى عن ابن القاسم في متزارعين على الصحة زرع أحدهما قمحا طيبا في ناحية وزرع الآخر قمحا رديا في ناحية أخرى ثم تشاحا أن كل واحد منهما يودي إلى الآخر ثمن نصف زريعته ويستويان، وهذا يدل على أن ترك الخلط عنده لا يضر. انتهى.
وفي المعين ما نصه: ومن تمام الشركة أن يخلطا البذر ثم يزرعاه، فإن لم يخلطا وزرع كل واحد إلى ناحية [فعند ابن القاسم] (?) أن ذلك لا يضرهما، وقال سحنون: لا شركة بينهما ويأخذ كل واحد ما أنبت بذره. اهـ منه بلفظه. وذلك كله نص فيما قلناه وهو جواب حسن بسن إن شاء اللَّه فتأمله. واللَّه الموفق انتهى كلام الرهوني.
واعلم أن أصبغ وافق سحنونا في قوله باشتراط الخلط الحكمي، قال في الجواهر: وروي عن سحنون أنه قال: إذا زرع كل واحد منهما بذره في ناحية معلومة لم تجز الشركة وإن لم يكن ذلك بشرط، ولكل واحد منهما ما أنبت بذره ويتراجعان في الأكرية والعمل، وإنما تجوز الشركة إذا خلطا الزريعة كالشركة بالمال وقاله أصبغ، قال: فأما لو لم يخلطاهما فزرعا بذر هذا في فدان أو في بعضه وبذر الآخر في الناحية الأخرى ولم يعملا على ذلك، فإن الشركة لا تنعقد ولكل واحد ما أنبت حبه ويتراجعان فضل الأكرية ويتقاصان. اهـ بلفظه.
تنبيه: اعلم أنه إذا فرعنا على المشهور فلا فرق بين أن يخرجا بالبذر دفعة وبين أن يخرج أحدهما في يوم والآخر في يوم آخر كما في الخرشي، وبقى على المص شرط آخر في البذر وهو: تماثلهما جنسا، فإن أخرج أحدهما قمحا والآخر. شعيرا أو سلتا أو صنفين من القطنية، فقال سحنون: لكل واحد ما أنبته بذره ويتراجعان في الأكرية، ثم قال: يجوز إذا اعتدلت القيمة. اللخمي: يريد والمكيلة، وقال بعض القرويين: من لم يجز الشركة بالدنانير والدراهم لم يجز المزارعة بطعامين مختلفين، ولو اعتدلت قيمتهما لبقاء يد كل واحد على طعامه ولكل واحد ما أنبت طعامه. اهـ المراد منه. ذكره الحطاب. قال الأجهوري: والخلاف جار أيضا فيما إذا كان بدل الشعير فول، خلافا لمن قال: الفول والقمح يمتنع قطعا قاله عبد الباقي.