أسلفني بعد ما عقدا الشركة، قال ابن القاسم: الشركة فاسدة للسلف الذي أسلفه من الزريعة إذا كانا على ذلك اشتركا، فإن كانت الشركة على غير سلف ثم سأله ذلك ففعل فليس بذلك بأس والشركة حلال جائزة إذا كانت قيمة العمل مكافية لقيمة الأرض. ابن رشد في قول ابن القاسم: فليس بذلك بأس نظر على أصله في أن المزارعة لا تلزم بالعقد؛ لأن القياس عليه أن لا يجوز السلف بعد العقد كما لا يجوز في العقد، وقد قال بعض أهل النظر: هذا من قوله يدل على أن المزارعة تلزم بالعقد عنده، ولا دليل من قوله في هذه الرواية على ذلك إذ قد ذكر فيها ما يدل على أنها لا تلزم بالعقد، وهو قوله: "والشركة حلال جائزة" إذا كانت قيمة العمل مكافئة لقيمة الأرض؛ لأن من يرى المزارعة لازمة بالعقد يجيز التفاضل فيها، ولا يشترط في جوازها التكافؤ فيما يخرجان, وإنما لم تفسد المزارعة إذا كان السلف بعد العقد وإن كانت عنده لازمة بالعقد مراعاة لقول من يراها لازمة بالعقد. اهـ ببعض اختصار.
وقد نقل المواق بعضه, وقد علمت منه أن ابن القاسم يقول بعدم اللزوم بالعقد، ويقول مع ذلك بجواز التبرع بعد العقد مراعاة للخلاف، وكلام المص جار عليه فلا وجه لتأويله وإخراجه عنه. واللَّه أعلم. وبه يسقط بحث اللقاني، وأما بحث مصطفى مع ابن غازي بأن حمل العقد على اللازم أي تمامه تقل معه فائدة التبرع بعد تمام العمل، ففيه نظر لإمكان التبرع بعد تمام البذر بأن يتبرع أحدهما على الآخر بالسقي والتنقية أو بالحصاد والدرس أو بالزيادة في حظه أو نحو ذلك. اهـ كلام البناني.
وأشار للشرط الرابع بقوله: وخلط بذر إن كان يعني أنه إذا كان البذر بينهما فإنه لابد من خلطه، والبذر يشمل الحب والزريعة كسفينة وهي الشيء المزروع وتشديد الراء لحن، ويشمل أيضا الخضر التي تنقل وتغرس، فقوله: "إن كان" أي البذر من عندهما، قال الأجهوري: ولو حذف إن كان اكتفاء بأن الخلط من الأمور النسبية التي لا تكون إلا بين شيئين لاقتضى أو أوهم أنه يتوقف صحة الشركة على حصول البذر من كل والأمر بخلافه. اهـ. أي وذلك يندفع بقوله: "إن كان" من عندهما ولو بإخراجهما.
قال مقيد هذا الشرح عفا اللَّه تعالى عنه: تحقيق القول في هذه المسألة أن تقول: الراجح المشهور أن الخلط في المزارعة ليس من شروط الصحة، هذا مذهب مالك وابن القاسم وأحد قولي سحنون، وقوله