وعن الميت المفلس عطف على قوله: "من أهل التبرع" قاله الشارح؛ يعني أن الضمان يصح عن الميت الفقير مفلسا أم لا وأحرى الميت الذي خلف وفاء، وإنما خص الميت المفلس للرد على أبي حنيفة القائل: إنه لا يصح الضمان عن الميت إلا إذا خلف وفاء، قال الرهوني: قال ابن يونس: قال عبد الوهاب: يجوز الضمان عن الميت خلف وفاء أو لم يخلف، وقال أبو حنيفة: لا يجوز إلا إن خلف وفاء، ودليلنا حديث أبي قتادة في الذي مات وعليه دين فامتنع النبي صلى اللَّه عليه وسلم من الصلاة عليه، فلما ضمنه أبو قتادة صلى عليه. اهـ. وقال الشارح: ولا خلاف في صحة الضمان عن الحي موسرا أو معسرا، وكذلك عن الميت الموسر وإن كان الميت معسرا ووقع الضمان عنه في حياته فكذلك، واختلف هل يصح الضمان عنه بعد موته، فذهب الجمهور إلى صحته ولزومه إن وقع، وذهب أبو حنيفة والثوري إلى عدم صحته وقد انفردا بذلك كما لابن رشد، وحكى المازري عن سلمة بن الأكوع رضي اللَّه عنه قال: (كنا جلوسا عند النبي صلى اللَّه عليه وسلم إذ أتي بجنازة، قالوا: صل عليها، قال: هل عليه دين؟ قالوا: لا، قال: هل ترك شيئا؟ قالوا: نعم فصلى عليها. ثم أتي بجنازة أخرى فقالوا: يا رسول اللَّه صل عليها، قال: هل عليها دين؟ قالوا: نعم، قال: فهل ترك شيئًا؟ قالوا: ثلاثة دنانير، فصلى عليها ثم أتي بالثالثة، فقالوا: صل عليها، قال: فهل ترك شيئًا؟ قالوا: لا، قال عليه دين؟ قالوا: ثلاثة دنانير، قال: صلوا على صاحبكم، قال أبو قتادة: صل عليه يا رسول اللَّه وعلي دينه، فصلى عليه) فدل الحديث على صحة الضمان عن الميت المفلس وتقييده ذلك بالمفلس احتراز من الملي، فإن الحق يؤخذ من تركته ولا خلاف في مذهبنا فيما ذكر. اهـ. وقوله: "المفلس" قال عبد الباقي: بسكون الفاء وكسر اللام أي المعسر عند مالك، خلافا لأبي حنيفة هذا هو الذي فيه الخلاف بينهما دون مفتوح الفاء واللام المشددة، إذ يصح الضمان عنه بلا خلاف. اهـ. وقد مر في تقرير المص الرد عليه بأن المدار على كونه لم يخلف وفاء أو خلفه فنحن نجيزه مطلقًا وأبو حنيفة يمنعه إن لم يخلف وفاء، فلا فرق بين المفلس وغيره. قال الرهوني: وكلام الأيمة كالصريح في رده أي رد ما لعبد الباقي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015