تنبيهان الأول: علم من هذا أن المفلس بضم اليم وسكون الفاء هو المعسر، فهو أعم من المفلس بضم الميم وفتح الفاء هذا هو الظاهر، وقد مر لعبد الباقي والخرشي عند قول المص: "إلا أن يعلم الحميل بإفلاسه" ما يقتضي ترادفهما وهو غير ظاهر. قاله مقيده عفا اللَّه تعالى عنه. واللَّه تعالى أعلم. وقال عبد الباقي: والظاهر أنه يتفق في هذا يعني المفلس الأخص على عدم رجوع الضامن بما أدى عنه بعد موته ولو علم له مالًا؛ لأنه كالمتبرع لذمة خربت بعد حكم الحاكم بخلع كل ماله لغرمائه، بخلاف المفلس ساكن الفاء فإنه يرجع إن علم أن له مالًا أو شك كما يفيده أبو الحسن. وفي أحمد عن ابن رشد: وإن تحمل عن ميت لا وفاء له بما تحمل عنه لم يكن له الرجوع بما أدى عنه في مال طرأ له، خلافا لأبي حنيفة. اهـ. وقال عند تقرير المص وصح الضمان بمعنى الحمل لا حقيقة الضمان أي صح الحمل ويلزم، ثم قال: وقولي ويلزم أي الضمان هو المتعد كما لأبي الحسن، خلافا لقول اللخمي وإن اقتصر عليه التتائي لو ضمن ميتا ظاهر الملاء فتبين عسره أرى عدم لزومه؛ إذ يقول إنما تحملت لأرجع ولو علمته معسرا لم أضمنه. اهـ. انتهى. قوله: والظاهر أنه يتفق في هذا لخ، قال البناني: فيه نظر، بل ظاهر المدونة أن له الرجوع إن علم له مالًا ولا فرق بين المفلس بالتشديد والتخفيف. انظر لفظها في الحطاب. وقوله: وإن تحمل عن ميت لخ محل كلام ابن رشد إذا تحمل عالما بأنه لا مال للميت فلا معارضة بينه وبين ما يفيده أبو الحسن. قاله البناني.
الثاني: قال ابن الحاجب: ولو تنازعا في أنه دفع محتسبا فالقول قول الدافع إلا لقرينة، قال في التوضيح: يعني أنه إذا أدى رجل عن رجل دينا، ثم قام الدافع يطلب المال وقال المدفوع عنه إنما دفعت عني على وجه المعروف احتسابا، فالقول قول الدافع لأن الأصل عدم خروج ملكه إلا على الوجه الذي قصده إلا أن تقوم قرينة تدل على كذب الدافع، كما إذا دفع عن الميت المفلس ثم طرأ له مال لم يعلم به وطلب الرجوع. ابن عبد السلام: إلا أن لا تقوى القرينة فينبغي أن يحلف الدافع وحينئذ يأخذ ما دفع. اهـ. فيؤخذ من كلام ابن عبد السلام أنه لو لم تقم قرينة بالكلية لصدق بلا يمين وإذا قويت القرينة لا يصدق أصلا. قاله الحطاب. وفيه أن التبرع ما كان