باب في الضمان ومن يصح منه وما يصح به وما يبطله وانفراد الضامن وتعدده وأقسامه وهي ثلاثة: ضمان ذمة ووجه وطلب وما يتعلق بذلك، قال الحطاب: قال المازري في شرح التلقين: الحمالة في اللغة والكفالة والضمانة والزعامة كل ذلك بإعنى واحد، فتقول العرب: هذا كفيل وحميل وضمين وزعيم. اهـ.
قال مقيده عفا اللَّه عنه: معنى ضمن كذا جعله على نفسه والتزمه. واللَّه تعالى أعلم.
وعرف المؤلف الضمان بقوله: الضمان شغل ذمة أخرى بالحق يعني أن الضمان هو أن يشغل شخص ذمته بالحق الذي على غيره أي يلزمها ذلك الحق، فقد شغلت بالحق ذمتان: الذمة التي كانت مشغولة به قبل الضمان أي ملزومة به، والذمة الأخرى التي شغلت به حين ضمنت ذلك الحق، فقوله: "ذمة" جنس وأخرى كالفصل يخرج البيع، وأل في قوله: "بالحق" للعهد فيخرج البيع المتعدد كمن باع رجلا سلعة بدين ثم باع أخرى لآخر بدين إذ يصدق عليه أنه شغل ذمة أخرى لكن بغير الحق الأول، ويخرج أيضًا التولية والشركة لأن الحق الذي شغلت به ذمة المولَّى، والشرك بالفتح للمولى والمشرك بالكسر هو غير الحق الذي على المولي والشرك بالكسر لأنه حق للبائع لهما، وتعريف المصنف يشمل أنواع الضمان الثلاثة كما أنه منطبق على أركانه الأربعة: الضامن والمضمون له والمضمون والحق المضمون فيه.
وعرف ابن عرفة: الضمان بقوله: الحمالة التزام دين لا يسقطه أو طلب من هو عليه لمن هو له، وقول ابن الحاجب تبعا للقاضي: شغل ذمة أخرى بالحق لا يتناولها لأن شغل ذمة إنما هو لازم لها لا نفسها لأنها مكتسبة، والشغل حكم غير مكتسب نشأ عن مكتسب كالملك مع البيع فتأمله. اهـ. وحاصله أن قولهم: "شغل" مباين للمحدود فليس بجامع ولا مانع؛ لأن الضمان سبب في الشغل فالشغل مسبب عنه لا نفسه كما أن الملك مسبب عن البيع لا نفسه، وسلمه ابن غازي والحطاب وردد ابن عاشر بأن الذي ليس فعلا للشخص إنما هو اشتغال الذمة، وأما شغلها فهو فعل الشخص لأنه متعد، فقولهم: "شغل ذمة" مصدر مضاف للمفعول بمعنى أن الشخص شغل ذمته بالحق أي ألزمها إياه، فهو فعل مكتسب مساو لقول ابن عرفة التزام دين. واللَّه تعالى أعلم. اهـ. وهذا الذي قاله هو الذي قررت به المص التابع للشيخين قبله، وقال الرهوني: ابن يونس: