الأصل في جواز الحمالة قوله تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} فهذا حمالة المال، وقال في قصة يعقوب: {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ}، فهذا ضمان النفس بعينه. اهـ. منه بلفظه. قلت: وهذا على أن شرع من قبلنا شرع لنا حتى يرد ناسخ وفيه خلاف. اهـ. وقد مر تعريف ابن عرفة للضمان، بقوله: الحمالة التزام دين لا يسقطه أو طلب من هو عليه لمن هو له. اهـ. قوله: لا يسقطه فاعل يسقطه ضمير يعود على الالتزام، وأخرج به الحوالة لأنه يتحول حق المحال على المحال عليه بمجردها فلا مطالبة له على المحيل وفيه نظر؛ إذ ليس في الحوالة التزام دين والظاهر أن لفظ لا يسقطه حشو. قال الرهوني: ويحتمل عندي أن يكون احترز به عن صورة وهي أن يقول شخص لرب دين: إن أبرأت فلانًا من دينك فأنا ملتزم لك به من غير رجوع مني عليه. فتأمله. واللَّه تعالى أعلم. اهـ.
قال عبد الباقي: ولما كان في الأركان تفصيل لم يكتف باستفادتها من التعريف بل أشار لكل، فأشار للضامن بقوله: وصح من أهل التبرع يعني أن الضمان يصح ويلزم من أهل التبرع، ولا يصح من صبي وسفيه ومجنون ويصح ولا يلزم من عبد غير مأذون له فيه ومريض وزوجة في زائد ثلثهما، قال المواق: ابن شأس: يشترط في الضامن أهلية التبرع. الباجي: والحميل من لا حجر عليه. اهـ. وقال عبد الباقي: وصح ولزم من أهل التبرع وهو المكلف الذي لا حجر عليه فيما ضمن فيه، فدخل ضمان زوجة ومريض بزائد ثلث فصحيح أيضًا وغير لازم، كوقوعه من عبد بغير إذن سيده وإن كان من سفيه وصبي ومجنون ففاسد يجب رده وليس للولي إجازته، وسواء كان الصبي مميزا أم لا، وخرج بأهل التبرع من يغترق دينه ما بيده وذو عقد إجارة لنفسه فيقدم كل على الضمان، كما يقدم دين على إجارة وإن وجدت قبله وعلى سفر زوج بزوجة وعليها دين. اهـ. قوله: وذو عقد إجارة لنفسه لخ، أشار به لما ذكره شارح التحفة، ونصه: قال في النوادر: قال محمد بن عبد الحكم: من تكفل بوجه رجل فغاب الرجل فأخذ به الكفيل فأقام آخر البينة على الكفيل أنه استأجره قبل ذلك أن يبني له داره أو يسافر معه إلى مكة، فالإجارة أولى ولا يحبس في الدين لأن الكفالة في الدين معروف تطوع به، ولو كانت ظئرا استوجرت على رضاع