هذا ما تقتضيه عبارة المص، وقولي: ولو علم براءة نفسه هو ظاهر المص كما هو ظاهر المدونة. ابن ناجي: وهو المعروف خلافا لمن منعه حيث علم براءة نفسه. قاله عبد الباقي. قوله: ولو علم براءة نفسه رد على ابن هشام في قوله: إن علم براءة نفسه وجبت اليمين ولا يصالح لأربعة أمور: مِنْهَا أن فيه إذلال نفسه، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (أذل اللَّه من أذل نفسه)، وَمِنْهَا أن فيه إضاعة المال، وَمِنْهَا أن فيه إغراء للغير، وَمِنْهَا أنه أطعمه ما لا يحل. انتهى.

وَرُدَّ عليه نقلا ومعنى، أما نقلا فإن أبا بكر وعمر حلفا وعثمان صالح عن يمينه ومعلوم كذب من ادعى عليهم رضي اللَّه تعالى عنهم والأمران جائزان، وَأَمَّا معنى فلأن ما استدل به لا ينهض حجة لأن في صلحه إعزاز نفسه لأن الحلف يزري به عند العوام وهم أكثر الناس ولاسيما ذو المال الكثير ولم يضيع ماله بل ادخره، وكونه أطعمه مالًا حراما وأغراه بالغير ليس باختياره وإنما هو مضطر إليه وظلم هو نفسه، قال اللَّه تعالى: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ} الآية، قال الحطاب: وجعل الشارح كلام ابن هشام تقييدا وجزم به في شامله وهو غير ظاهر، ولم أر شيئًا يعارض هذا الإطلاق بل ما رأيت إلا ما يقويه. انتهى. قال الرهوني: اعتراضه على الشارح صحيح. انتهى. وقال المواق من المدونة: من لزمته يمين فافتدى منها بمال جاز. ابن عرفة: قيدها غير واحد بمعنى الصلح على الإنكار فيما يجوز وما لا يجوز. انتهى.

أو السكوت يعني أنه يجوز الصلح عن مقتضى السكوت أي ما يترتب عليه من حبس وتعزير وهو على قول مالك وابن القاسم كالإقرار وهو المشهور، وقول ابن محرز الآتي مقابل، وعند ابن محرز كالإقرار والإنكار فيعتبر فيه ما فيه من الشروط الثلاثة الآتية، فإذا ادعى عليه بدينار فسكت فصالحه على دراهم مؤخرة امتنع على مذهب الإمام مالك وابن القاسم؛ لأنه صرف مؤخر ويمتنع أيضًا على قول ابن محرز الذي جعله كالإنكار لأنه صرف مؤخر على دعوى المدعي، وإذا ادعى عليه بعشرة أرادب من قرض فسكت فصالحه على دراهم جاز على مذهب الإمامين لأن حكمه عندهما حكم الإقرار، ويجوز عند ابن محرز أيضًا.

تنبيه

تنبيه: هذا المثال الذي ذكرت أنه يجوز على قول الإمامين وابن محرز جوازه عند الثلاثة صرح به البناني، ومنعه عبد الباقي قائلا: لاحتمال أن يقر المدعى عليه بعد ذلك بأنها من سلم وناقشه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015