حل، فإن لم يشترط تأخيره لكن لم يعجل لم يجز أيضًا، ولم يكتف المص بالتعجيل عن الحلول لأن الشيء قد يعجل ولم يكن حالا وقد يحل ولا يعجل، فلذا لم يستغن بالحلول عن التعجيل، وعدم الجواز هنا ينشأ عنه فساد الصلح كما صرح به عبد الباقي.

قال عبد الباقي: ومفهوم كلامه عدم اشتراط ذلك في صلحه عن ذهب بمثله وعن ورق بمثله، وإنما يشترط أن يكون الصلح عن إقرار وإلا كان فيه سلف جر نفعا، ومثل ذلك الصلح عنهما بعرض. انتهى. قوله: ومثل ذلك الصلح عنهما بعرض أي فيشترط تعجيل العرض، وهذا صحيح إذا كانت الدعوى في ورق أو ذهب في الذمة؛ لأن في عدم تعجيل العرض فسخَ دين في مؤخر، أما لو كانت الدعوى في ذهب أو ورق معينين فلا يشترط تعجيل العرض بل يجوز كونه موصوفا في الذمة، بخلاف الصلح بذهب عن ورق وعكسه فلابد من التعجيل فيه مطلقًا. قاله البناني.

كمائة دينار ودرهم عن مائتيهما مثال لقوله: "وعلى بعضه هبة"، وقوله: "ودرهم" عطف على مائة أي درهم واحد، يعني أنه لو ادعى عليه بمائة دينار ومائة درهم، فأقر له بالمائتين وصالحه عنهما بمائة دينار ودرهم واحد فإن ذلك جائز لأنه ترك تسعة وتسعين درهما، وَتَبرَّكَ المص بلفظ المدونة وإن كان الأوضح كدرهم ومائة دينار عن مائتيهما. ابن يونس: وسواء أخذ منه الدرهم نقدا وأخره به، أو أخذ منه المائة دينار نقدا وأخره بها لأنه لا مبايعة هنا، وإنما هو قضاء وحطيطة فلا تهمة في ذلك، ولو كانت المائة دينار والمائة درهم لم تحل لم يجز لأنه ضع وتعجل. انتهى.

فقول التتائي: فيشترط الحلول والتعجيل مخالف لما لابن يونس من أنه لا يشترط التعجيل إن كان عن إقرار، فكلام المص ظاهر حيث صالح بمعجل مطلقًا أو بمؤجل والصلح عن إقرار، فإن صالح عن إنكار امتنع لأنه لا يجوز على ظاهر الحكم ومفهوم قوله: "ودرهم" أنه لو أخذ مائة دينار ودينارا نقدا جاز؛ لأن المائة قضاء والدينار بيع بالمائة درهم، فإن أخذ المائة وتأخر الدينار لم يجز لأنه صرف مستأخر، ولو نقد الدينار وأخر المائة لم يجز لأنه صرف مؤخر أيضًا. قاله عبد الباقي. إلا لأنه صرف مؤخر فإنها للبناني. واللَّه تعالى أعلم.

وعلى الافتداء من يمين يعني أن المدعى عليه يجوز له أن يصالح عن اليمين المتوجهة عليه، فيفتدي منها بمال ولو علم براءة نفسه فالمصالح عليه إعطاء المال عن اليمين والمصالح عنه الحلف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015