البناني بقوله: فيه نظر؛ لأنا إن نزلنا السكوت منزلة الإقرار فالمدعى عليه موافق للمدعي، وإن نزلناه منزلة الإنكار على قول ابن محرز واعتبرنا فيه الشروط الثلاثة فلا دعوى للمدعى عليه بحال، فلا يعتبر فيه منع من جهته كما صرح بذلك بعده، إذ قال: فإن لم يُجِب بشيء فالشرط أن يجوز على دعوى المدعِي فقط. انتهى. وأما مجرد الاحتمال فلا عبرة به تأمله. انتهى. واللَّه تعالى أعلم.

أو الإنكار يعني أنه يجوز الصلح على الإنكار وهذا باعتبار عقده في الظاهر، وأما في باطن الأمر فإن كان الصادق المنكر فالمأخوذ منه حرام كما يذكره وإلا فحلال، ويشترط في جواز الصلح على الإنكار -ويدخل فيه الافتداء من يمين- ثلاثةُ شروط عند مالك وهو المذهب، أشار لاثنين منها بقوله: إن جاز على دعوى كل أي يشترط أن يكون جائزا على دعوى المدعي، ويشترط أيضًا شرط ثان وهو أن يجوز على دعوى المدعى عليه، قال عبد الباقي: وإطلاق الدعوى عليه مجاز إذ معناه: قال ليس عندي ما ادعى به علي فهذان شرطان، وَمَحَلُّ كلامه إن أنكر المدعى عليه خصوص ما ادعى به وأجاب بغيره، فإن لم يجب بشيء فالشرط أن يجوز على دعوى المدعي فقط. انتهى. وهو صريح في أن السكوت على أنه كالإنكار لا يعتبر فيه دعوى من جهة المدعى عليه؛ إذ لم يدع شيئًا وإنما يعتبر فيه دعوى المدعي فقط.

والشرط الثالث جوازه على ظاهر الحكم، قال البناني: الظاهر أن المراد بالحكم ما يطرأ بينهما في المخاصمة ومجلس الفصل. انتهى. وليس المراد به حكم القاضي، وهذه الشروط الثلاثة اعتبرها مالك وهو المذهب كما عرفت، واعتبر ابن القاسم الشرطين الأولين فقط وأصبغ أمرا واحدا وهو أن لا تتفق دعواهما على فساد،

مِثالُ المستوفي للشروط الثلاثة أن يدعيَ عليه بعشرة حالة فأنكرها أو سكت فيصالحه عنها بثمانية معجلة أو بعرض حال،

وَمِثَالُ ما يجوز على دعواهما ويمتنع على ظاهر الحكم فقط أن يدعي بمائة درهم حالة فيصالحه على أن يؤخره بها إلى شهر أو على خمسين يدفعها له عند حلول الشهر، فالصلح صحيح على دعوى كل لأن المدعِيَ أخر صاحبه أو أسقط عنه بعض حقه وأخره، والمدعى عليه افتدى من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015