وقال الحطاب: الحجر مصدر حجر يحجر ويحجر بضم الجيم وكسرها وهو لغة حضن الإنسان والمنع والحرام، ومنه قوله تعالى: {وَحَرْثٌ حِجْرٌ} ويثلث في المعاني الثلاثة. قاله في القاموس. وقرئ بهن في الآية، وتقول الكفار يوم القيامة إذا رأوا ملائكة العذاب: {حِجْرًا مَحْجُورًا} أي حراما محرما يظنون أن ذلك ينفعهم كما كانوا يقولونه في الدنيا لمن يخافونه في الشهر الحرام. قاله في الصحاح. وذكر أن الحجر بمعنى الحرام أفصح فيه الكسر من غيره، والحجر مثلث أيضًا ما بين يدي الإنسان من ثوبه، قاله في المحكم وحكاه في القاموس بالكسر فقط. والحجر بالكسر فقط يطلق على العقل كقوله تعالى: {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} وعلى حجر الكعبة المحاذي لها من الجانب الشمالي وكل ما حجرته من حائط فهو حجر، وعلى ديار ثمود بالشام عند وادي القرى قال تعالى: {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ} وعلى الأنثى من الخيل وهو في الجميع بمعنى المنع؛ لأن العقل يمنع من الرذائل جميعها والحائط يمنع من الدخول إليه وكذا ديار ثمود والأنثى تمنع صاحبها من العدو، ويطلق أيضًا بالكسر على القرابة وعلى فرج الرجل والمرأة والحجر في الشرع. قال في الذخيرة المنع من التصرف، وقال ابن رشد: المنع من التصرف في المال وفيهما إجمال يجب اجتنابه في الحدود إذ لم يبين هل هو المنع من التصرف بالتبرع أو بالمعاوضة؟ وهل في الكل أو في البعض؟ وقال ابن عرفة: الحجر صفة حكمية توجب لموصوفها منع نفوذ تصرفه في الزائد على قوته أو تبرعه بماله، قال: وبه دخل حجر المريض والزوجة. انتهى.

وقوله: أو تبرعه عطف على تصرفه وبماله بكسر اللام، فإن كان أراد التبرع بكل المال كما قال الرصاع يرد التبرع بأكثر من الثلث، وإن كان الزائد على الثلث فلا قرينة تدل عليه، وإن كان المراد بشيء من ماله ففساده بيِّن. قاله الحطاب. وَأجِيبَ بأن المراد التبرع بكل ماله كما تفيده الإضافة، ولا يخرج منه الزوجة والمريض لأنهما ممنوعان من التبرع بكل المال، وجواز تبرعهما بالثلث فدون شيء آخر يعلم من خارج.

وقال مصطفى: تعريف ابن عرفة لا يطابق معناه لغة ولا اصطلاحا؛ لأنه في اللغة المنع، وفي الشرع المنع من شيء خاص كما قاله ابن رشد وعياض والتوضيح واعترف به ابن عرفة. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015