في الحجر وأسبابه حصرها ابن الحاجب تبعا لابن شأس في سبعة ونصه: الحجر أسبابه الصبا والجنون والتبذير والرق والفلس والمرض والنكاح في الزوجة، قال ابن عبد السلام: وتُعقِّب كلام المص هنا من وجهين: أحدهما أنه ترك سببا ثامنًا وهو الردة، والثاني قدم حكم الفلس قبل ذكر سببه، فإنه عند الفلس هنا في الأسباب بعد أن تكلم على أحكام التفليس فيما تقدم. انتهى. وقد اعترض في التوضيح بذلك وزاد تاسعا، ونصه: مفهوم العدد يقتضي الحصر فيها وينتقض عليه بالحجر على الراهن لحق المرتهن وبالحجر على المرتد. انتهى. وسلمه الناصر بسكوته عنه. وقال ابن عرفة بعد ذكره كلام ابن عبد السلام في نصه: قلت يُرَدُّ تعقبه الأول بأنهم ذكروا الحجر على المالك فيما يملكه لا فيما لا يملكه، وحجر المرتد ليس من حجر المالك على ما يملكه؛ لأنه لو مات ما ورث عنه، ولعله في تعقبه تبع القرافي في الذخيرة فإنه قال: أسبابه ثمانية فعد فيها الردة. انتهى.
قال الرهوني: قلت سلم كلام ابن عرفة هذا ابن غازي في تكميله والحطاب وجسوس والتاودي وغير واحد وهو غير مسلَّم، بل الحق ما قاله ابن عبد السلام، وما استدل به ابن عرفة من عدم الإرث لا دليل له فيه لأن مانع الإرث التخالف في الدين بهذا علله غير واحد، ويلزم ابن عرفة أن الكافر بالأصالة إذا لم يكن له ورثة إلا مسلمون أنه ليس بمالك، ثم هو استدل بدليل واحد، ولابن عبد السلام أدلة متعددة كون ماله لسيده المسلم إذا قتل على ردته، فلولا أنه باق على ملكه إلى موته لم يكن لاختصاص سيده به عن سائر المسلمين وَجْهٌ ورجوع ماله إليه إذا راجع الإسلام، فلو زال ملكه عنه بالردة لم يكن لرجوعه إليه بدون سبب وَجْهٌ، وقضاء ما عليه من الديون من ماله وأداء جنايته على عبد أو ذمي من ماله والإنفاق على مدبره وأم ولده من ماله. فتأمله بإنصاف. ثم وجدت أبا علي رد كلام ابن عرفة بنحو هذا وأطال بجلب كلام المعونة والمتيطي والمدونة وابن شأس وابن عرفة نفسِه، ثم قال بعد ذلك ما نصه: ومن ادعى أن الردة مزيلة للملك كابن عرفة فليأت بدليل، وكونه لا يورث ليس بدليل وإلا لزم في كل من لا يورث من كافر أصلا أو غيره، وإن أردت تحقيق هذد المسألة، فانظر كلامنا على إرث المرتد صدر كتاب الردة تجد السحر الحَلَالْ، إن شاء اللَّه تعالى الكبير المتعالْ، انتهى. واللَّه تعالى أعلم. انتهى.