قال مقيد هذا الشرح عفا اللَّه تعالى عنه: ما قاله مصطفى ظاهر لأنه جعل الحجر السفه والصبا ونحوهما وذلك سبب في الحجر والسبب غير المسبب. واللَّه تعالى أعلم.
وقدم المص حجر المجنون لقلة الكلام عليه بالنسبة للصبي فقال: المجنون محجور اللام لانتهاء الغاية، يعني أن المجنون محجور عليه إلى أن يُفيقَ فإذا أفاق زال الحجر لأجل الجنون، وينظر في غيره من الأسباب فإن وجد شيء منها عمل عليه وإلا فرشيد. وقوله: "محجور" أي لأبيه إن كان وجُنَّ قبل بلوغه أو رشده وإلا فالحاكم وإلا فلجماعة المسلمين.
والحاصل أن الجنون الطارئ بعد الرشد يكون للحاكم وإن وجد الأب، وأما الطارئ قبل البلوغ أو بعده مع السفه فهو للأب إن كان وإلا فالحاكم وإلا فجماعة المسلمين. وقوله: "محجور" أي عليه حتى بالنسبة لمهجته، قال عبد الباقي: ولا ولاية للأم من حيث الحجر عليه خلافا لبعض الشراح، وإنما لها الحضانة فقط. وفهم منه أن غير المجنون لا يحجر عليه، ووقع خلاف فيمن يخدع في البيع فقيل يحجر عليه مطلقًا ورجحه القرطبي، وقيل لا إن كان يشترط في بيعه ما يدفع ذلك، وفصل اللخمي فقال: إن كان يخدع باليسير أو بالكثير إلا أنه لا يخفى عليه ذلك ويتبين ذلك الغبن له فلا يحجر عليه ويؤمر بالاشتراط حين البيع ويشهد بذلك، وإن كان لا يتبين له ذلك ويكثر نزول ذلك به أمر بالإمساك عن التجر ولم ينزع ماله منه، فإن لم يمسك عنه نزع منه. انتهى.
وقال المواق: ابن رشد: لا يصح للإنسان أن يتصرف في ماله إلا بأربعة أوصاف وهي: البلوغ والحرية وكمال العقل وبلوغ الرشد، ولا يصح رشد من مجنون لسقوط ميزه وذهاب رأيه. انتهى. وقوله: "محجور" استعمله المص بغير ذكر متعلق كمضروب ونحوه مما فعْلُه متعد مع أن فعله غير متعدة قال في المصباح: حجر عليه من باب قتل منعه التصرف فهو محجور عليه والفقهاء يحذفون الصلة تخفيفا لكثرة الاستعمال ويقولون محجور وهو سائغ. انتهى. وقد مر أنه من باب ضرب وقتل. واللَّه تعالى أعلم.
والصبي لبلوغه يعني أن الصبي محجور عليه بالنسبة لنفسه وماله إلى أن يبلغ فإن بلغ سقط حجر النفس، فله أن يذهب حيث شاء إلا أن يخاف عليه فساد أو هلاك فيمنعه الأب والولي