قوله: "لا يعود"، ولا على مفهومه هنا والمعتمد أن هين الصنعة سواء كان يعود أم لا، لا يسلم في أصله ولا يسلم أصله فيه فهذه أربعة، وأن غير هين الصنعة إن لم يعد أسلم في أصله وإن أسلم أصله فيه اعتبر الأجل، وإن عاد اعتبر الأجل في سلم أصله فيه وسلمه في أصله. فهذه أربعة أيضا. فتلك ثمانية في إسلام المصنوع في الأصل: هين الصنة أم لا يعود أم لا وفي إسلام أصله فيه كذلك، ولم يبق إلا إسلام الأصل في الأصل وقد مر الكلام عليه، وإسلام المصنوع في المصنوع وإليه أشار بقوله:
والمصنوعان يعودان ينظر للمنفعة يعني أن المصنوعين إذا أسلم أحدهما في الآخر فإنه ينظر إلى المنفعة، فإن تقاربت منع وإلا جاز، ولا فرق في ذلك بين أن تكون صنعتهما هينة وألَّا تكون هينة، وسواء أمكن عودهما أم لا، قال عبد الباقي: والمصنوعان من جنس واحد يسلم أحدهما في الآخر هانت صنعتهما أم لا يعودان، أي يمكن عودهما لأصلهما وأولى إن لم يمكن ينظر للمنفعة، فإن تقاربت كإبريق نحاس في مثله منع، وإن تباعدت بأن يقصد من أحدهما غير ما يقصد من الآخر كإبريق في طست أو مسامير في سيف جاز. انتهى.
ولا يجوز سلم زيت في صابون حيث كان أجل السلم يمكن فيه جعل الزيت صابونا وصنعته غير هينة، وأما سلم صابون في زيت فيجوز على المذهب. قاله عبد الباقي. وقال المواق: ابن الحاجب: إن كان مصنوعان يعودان نظرت إلى المنفعة، قال في المدونة: لا خير أن يسلم سيف في سيفين دونه لتقارب المنافع إلا أن يبعد ما بينهما في الجوهر والقطع كتباعده في الرقيق والثياب فيجوز. انتهى. وقوله: "ينظر للمنفعة" أي قبل السلم. قاله الخرشي.
وَلَما تكلم رحمه اللَّه تعالى على حكم السلم ابتداء أخذ رحمه اللَّه تعالى يتكلم على حكمه انتهاء فقال: وجاز قبل زمنه قبول صفته فقط قال الخرشي: يعني أنه يجوز للمسلِم قبولُ موصوفِ صفةِ المسلَم فيه طعاما أو غيره قبل حلول أجله أي وفي محله لا أجود ولا أدنى ولا أكثر ولا أقل؛ لأنه حط الضمان وأزيدك أوضع وتعجل وكلاهما ممنوع في السلم والقرضُ لا يدخله الأول، وللمسلم أن يمتنع من قبول الصفة قبل الأجل؛ لأن الأجل في السلم من حق كل من المتبايعين وهذا ما لم يكن المسلم فيه من النقد وإلا أجبر علي قبوله قبل الأجل، وأما في القرض فيجبر على قبوله قبل أجله