يجز تراضيهما على المحاسبة بل يجب التأخير. وقوله: "إلا أن يرضيا بالمحاسبة" كان رأس المال مقوما، أو مثليا خلافا لسحنون فيما إذا كان رأس المال مقوما فإنه يجب التأخير عنده ولا يجب تراضيهما على المحاسبة إلا أن يتراضيا على جزء شائع من رأس المال المقوم فتجوز المحاسبة حينئذ باتفاقهما. هذا هو تحرير المسألة. واللَّه تعالى أعلم.
ولما أنهى الكلام على شروط السلم شرع فيما يجوز فيه إذا استكملت تلك الشروط وما لا يجوز فيما إذا اختل شيء منها، فقال: وَيَجُوزُ فِيمَا طُبخَ يعني أنه لا يشترط في المسلم فيه أن يكون ذاتا قائمة على حالها، بل يجوز أن يكون مستهلكا كالمطبوخ. قال عبد الباقي: ويجوز عقد السلم فيما طبخ من الأطعمة إن حصرت صفته، وقال الخرشي: والمعنى أنه لا يشترط في المسلم فيه أن يكون ذاتا قائمة بعينها، بل يجوز أن يكون مستهلكا بشرط أن تحصُره الصفة وأن يوجد عند حلوله، وسواء كان لحما أو غيره. قال في الشامل: وفي الرءوس ما في اللحم ويزيد كونها مشوية أو مغمورة، فإن اعتيد وزنها عمل به ويصح في الأكارع كالرءوس ويصح في المطبوخ منهما وفي اللحم إذا كان يعرف تأثير النار بالعادة وكانت الصفة تحصره. انتهى.
وقال عبد الباقي: وفي بعض النسخ بفاء فصيحة وهي الواقعة في جواب شرط مقدر أو العاطفة على مقدر، وهي أنسب لإفادتها أن هذا مفرع على ما ذكر من الشروط السبعة لاستفادته منها. انتهى. وقال الخرشي: هذه الفاء واقعة في جواب شرط مقدر فهي الفاء الفصيحة على أحد القولين في معناها: وقيل عاطفة على مقدر ونسخة الفاء أنسب لأنها تفيد أن هذا مستفاد مما قبله، ثم قال: وهذه إشارة من المؤلف إلى أنه لا يشترط في المسلم فيه أن يكون ذاتا قائمة بعينها، بل يجوز أن يكون مستهلكا إذا كان يوجد عند حلوله. قال في الشامل: ومن أسلم في لبن غنم بعينها أو صوفها وشرط أخذه فيما قرب فهلك المتبايعان أو أحدهما لزِم البيعُ ورثتَه لأنه بيع قد تم. اللخمي: وجاز السلم فيه في إبانه إن شرط أخذه فيه، فإن كانت ألبان غنم ذلك الموضع لا تختلف بالدناءة والجودة جاز وإن لم يختبر اللبن، وإن كانت تختلف بالجودة والدناءة لم يجز إلا بعد اختباره ومعرفة صفته، فإن نقص عن المعتاد حط بقدره، وإن أضر بها الحلاب جملة فلصاحبها الفسخ