عبد الباقي: فلا يسلم فاره واحد في عربي واحد قد علمت أنه خلاف المدونة وغيرها، وقوله: أي سريع السير بهذا فسر المص الفاره، واعترضه مصطفى بأن عبارة المدونة كعبارة المص ومع ذلك قال أبو عمران وعياض: مذهبها أن السير والحمل غير معتبرين لأنه جعل حمر مصر كلها صنفا وبعضها أَسْيَرُ من بعض وأحمل. انتهى. وهو يدل على أن الفراهة غير سرعة السير، ورد ابن عرفة احتجاج أبي عمران بأنه لا يلزم من لغو شدة السير مع سير دونه لغوه مع عدمه، لأن المراد بالسير سرعته لا مطلقه. انتهى. وأجاب في التكميل بأن أبا عمران إنما مراده أن إطلاق المدونة يتناول الأسْيَر والقَطوف وبينهما. انتهى. والقطوف كصبور ضَيّق السير. قاله بناني.

وقال الرهوني: قول محمد بن الحسن بناني عن مصطفى: إن السير والحمل غير معتبرين يقتضي أن مصطفى أطلق في عدم اعتبارهما وليس كذلك إذ مصطفى قيد بالحمر، وما كان من حق بناني أن يترك ذلك لأن المدونة مصرحة بأن النجابة والحمل معتبرة، ومع ذلك فالاعتراض المذكور غير متجه؛ إذ كما تأول أبو عمران المدونة على ما ذكرنا تأولها فضل على ما قال المص، وقد ذكر عياض نفسه ذلك ففي تنبيهاته ما نصه: ومذهب الكتاب أن السير والحمل في الحمر غير معتبر وأنها صنف وإن اختلفت في سيرها، وحكاه ابن حبيب عن ابن القاسم وقاله أبو عمران، قال: لأنه جعل حمر مصركلها صنفا وبعضها أَسْيَرُ من بعض وأحمل.

وتأول فضل على المدونة خلافه وأنكر تأويل ابن حبيب على ابن القاسم وأنكر أبو عمران تأويل فضل، واستدل فضل بقول المدونة: وكره مالك أن تسلم الحمير في البغال لتقارب منافعهما إلا أن تكون من الحمير الأعرابية التي يجوز أن يسلم فيها الحمار الفاره النجيب، وكذلك إذا أسلمت الحمير في البغال والبغال في الحمير فاختلفت كاختلاف الحمار الفاره النجيب بالحمار الأعرابي فجائز. انتهى. فإن قلت هذه مصادرة لأن ذلك مبني على تفسير الفراهة في المدونة بسرعة السير ومصطفى لم يسلم ذلك؟ قلت: إن لم تفسر الفراهة بما ذكر من سرعة السير وكثرة الحمل لم يبق ما تفسر به إلا جمال الصورة وهو غير معتبر قطعا على أن أهل اللغة قد فسروها بما يوافق ما فسرها به المص، ففي المصباح ما نصه: الفاره الحاذق بالشيء، ويقال للبرذون والحمار فاره بَيّن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015