جزافا ويجوز بيعه كيلا كالأرضين والثياب أي غير الشقق جمع شقة لأنها تكال، ومنها ما لا يباع جزافا ولا كيلا إذ لا يتصف بواحد منهما كالعبيد وسائر الحيوان، ويجوز بيع شيئين جزافا أوكيلا في عقد واحد لخ، فقال عاطفا بالجر على غير مرءي:
وجزاف حب مع مكيل منه؛ يعني أن البيع يفسد إذا كان المبيع جزافا من الحب مع مكيل من الحب في عقدة واحدة. قال عبد الباقي مفسرا للمص: وجزاف حب كقمح مما أصله البيع كيلا مع مكيل منه لخروج أحدهما عن الأصل. انتهى. وقال المواق عن ابن رشد: حكم الموزون والمعدود حكم المكيل.
أو أرض؛ يعني أنه لا يجوز بيع جزاف من الحب مع مكيل أرض كصبرة قمح وعشرة أذرع من هذه الأرض. قال عبد الباقي: لخروجهما عن الأصل، فأرض عطف على ضمير منه من غير إعادة الجار، وهو جائز عند الكوفيين، واختاره ابن مالك وغيره. ومنه {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} أي بالجر في قراءة حمزة {وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}. ومذهب البصريين وهو الصحيح إعادة الجار. وقال أحمد: أرض معطوف على موصوف مكيل؛ أي مع حب مكيل منه. انتهى. قال مقيده عفا الله عنه: الظاهر تقدير شيء لا حب ولابد مع ذلك من تقدير صفة لأرض أي مكيلة. والله سبحانه أعلم.
واعلم أن بيع الشيئين معا ثلاثة أقسام؛ لأنهما إما أن يكونا جزافين، أو مكيلين، أو أحدهما مكيل والآخر جزاف، فالقسم الأول والثاني جائزان، ويأتي الكلام عليهما قريبا إن شاء الله تعالى، والقسم الثالث فيه أربع صور لأنه إما أن يكون أصلهما معا الكيل، أو أصلهما معا الجزاف، أو أصل ما بيع جزافا الكيل وأصل ما بيع بالكيل الجزاف، أو العكس، فالثلاث الأولى ممنوعة، والرابعة جائزة، فأشار المص إلى الصورة الأولى والثانية بقوله: وجزاف حب مع مكيل منه، وإلى الثالثة الممنوعة بقوله:
وجزاف أرض مع مكيله؛ يعني أنه لا يجوز بيع جزاف الأرض مع مكيله لخروج أحدهما عن الأصل، وأشار إلى الصورة الرابعة الجائزة بقوله: لا مع حب؛ يعني أن الحكم في بيع جزاف الأرض مع مكيل الحب ليس كالحكم فيما ذكر قبله، فالحكم في ذلك عدم الجواز فيفسد البيع،