والحكم في هذا الجواز فيصح البيع، قال في المقدمات: والجزاف مما أصله أن يباع جزافا كالأرضين لا يجوز بيعه مع المكيل منه باتفاق، واختلف في بيعه مع المكيل مما أصله أن يباع كيلا على قولين، الجواز لابن زرب وعدمه لابن العطار. وقال ابن عرفة: ولابن محرز مثل ما لابن زرب. وقال ابن رشد: وما ذهب إليه ابن زرب هو الصحيح. قوله مع مكيل منه: أي من الحب سواء كان من جنس المكيل أو من غير جنسه. قاله الحطاب. وقال في بعض النسخ: مكيلة بالتاء المنونة. وفي بعضها: مع مكيلها بالتأنيث ولا إشكال عليهما. وفي بعض النسخ: مع مكيله بالضمير المذكر، وكأنه ذكَّره وإن كان عائدا للأرض كناية عن الجنس. والله أعلم. وأشار إلى بيع الجزافين بقوله:
ويجوز جزافان؛ يعني أنه يجوز بيع الجزافين صفقة واحدة. قال عبد الباقي: ويجوز جزافان صفقة واحدة كان أصلهما المبيع جزافا أو كيلا، أو أحدهما كيلا والآخر جزافا كحب وأرض؛ لأنهما في معنى الجزاف الواحد من حيث تناول الرخصة لهما. ومكيلان؛ أي وكذا يجوز بيع مكيلين صفقة واحدة سواء كان أصلهما الكيل أو الجزاف أو أحدهما. قاله عبد الباقي. وقال في المواق عن ابن رشد: لا خلاف في جواز بيع المكيلين في صفقة واحدة والجزافين في صفقة واحدة أيضا على كل حال. انتهى.
وجزاف مع عرض؛ يعني أنه يجوز بيع الجزاف مع العرض في صفقة واحدة؛ يعني العرض الذي لا يباع كيلا ولا وزنا ولا عددا كعبيد ودواب فلا تدخل الثياب والأرضون. قاله الرهوني. قال مقيده عفا الله عنه: أي لأنه لا يخلو حينئذ مما مر. والله سبحانه أعلم. وقال الشيخ أبو علي: وحاصل كلام ابن رشد أنه إذا اجتمع معلوم ومجهول فإن جاء كل واحد على أصله فأجِزْ، وإن خرجا معا عن أصلهما أو أحدهما فامنع والمجهولان يجوزان مطلقا، وكذا المعلومان بلا تقييد في جميع ما ذكر انتهى.
قال مقيده عفا الله عنه: ومن هذا تعلم أنه يمتنع اجتماع صبرة قمح مبيعة جزافا مع عشرين مدا من الذرة كما نص عليه الحطاب، ويعلم منه أيضا منع بيع صبرة قمح مبيعة جزافا مع ذهب