كالمغنية يعني أن مسألة الجزاف فيما إذا أعلم العالم الجاهل بأنه عالم بالقدر، هي كمسألة الأمة المغنية فإن بائعها إذا أعلم المشتري حين العقد أنها مغنية فإن البيع يفسد، وإن لم يعلم بذلك إلا بعد العقد فإن البيع يصح ويثبت الخيار للمشتري في الرد وإمضاء البيع، فقولُه: كالمغنية جوابٌ عن استشكال ابن القصار كون علم أحدهما عيبا؛ لأن العيب إذا أعلم البائع به المشتري جاز الرضا به، ولو أعلمه هنا فسد، فإنه لا منافاة بين كون الشيء يفسد به العقد إذا قاربه ولا يفسد به إذا اطلع عليه بعد ذلك لدخوله على الغرر في الأول دون الثاني، كما قال سحنون فيمن باع أمة وشرط أنها مغنية: إن البيع فاسد ولو اطلع على ذلك بعد البيع لم يفسد وكان له الخيار. انتهى. ثم محل الفساد إن قصد البائع بالتبيين الاستزادة في الثمن، فإن قصد التبري جاز لأن الغناء في الأمة عيب، والعيب يوجب الخيار للمشتري علم به البائع أم لا، فإذا أعلمه بالعيب على جهة التبري من العيب جاز البيع ولا خيار للمشتري حينئذ لرضاه بالعيب، والتاء في المغنية للتأنيث وأما بيع المغني فلا يوجب خيارا ولا فسادا. نقله الروياني عن المالكية كما في الحطاب. ولعل وجهه مع كون المنفعة غير شرعية فيه أيضا أنه لا يخشى من غناه (?) تعلق الناس به عادة أي شأنه ذلك بخلاف الجارية. قاله عبد الباقي. وقوله: "وإن أعلمه أولا فسد كالمغنية"، عدم جواز البيع على ذلك عند الإمام مالك، ونقل المازري جواز ذلك عن الشافعي وأبي حنيفة، كان المنفرد بالعلم البائع أو المشتري، فإنه يجب لمن لا علم عنده بعلم الآخر الخيار، وحكى المازري عن بعض أهل المذهب أن البائع لا خيار له في علم المشتري. نقله الشيخ أبو علي. وقال: فإن قلت: ولِمَ عبر المص بقوله: وإن أعلمه أوَّلا مع أن العلم كاف. قلت: سر هو ليشبه به قوله: كالمغنية؛ لأن فيه شرطا من البائع وهو يلزمه الإعلام أو هو هو. انتهى
ولما كان الغرر المانع من صحة العقد قد يكون بسبب انضمام معلوم لمجهول؛ لأن انضمامه إليه يصير في المعلوم جهلا لم يكن وكان في ذلك تفصيل، أشار إليه المص تبعا لقول المقدمات: منَ الأشياء ما الأصل فيه أن يباع كيلا ويجوز بيعه جزافا كالحبوب، ومِنها ما الأصل فيه أن يباع