تنبيه: أركان البيع ثلاثة وهي في الحقيقة خمسة، أحدها: الصيغة وهي ما يدل على الرضا، وقد مر الكلام عليها. والثاني والثالث: العاقد وهو البائع والمشتري. والرابع والخامس: المعقود عليه وهو الثمن والمثمن، ولما كان البائع والمشتري من أركان البيع احتيج إلى بيانهما ليعلم البائع من المشتري، وكذلك الثمن والمثمن، فالمشتري هو دافع الدنانير أو الدراهم أو هما معا، والبائع هو دافع السلعة، والدنانير والدراهم هي المسماة بالثمن، والسلعة هي المسماة بالمثمون، قال في الطراز: المعقود علمه ثمن ومثمون، فالثمن الدنانير والدراهم وما عداهما مثمونات، فدافع المسكوك مشتر، ودافع غيره بائع، ويبقى النظر في بيع فرس بتوب مثلا حاضرين، ودفع دراهم في دينار، أو درهم في درهم، أو دينار في دينار، كما هو في باب الصرف والمبادلة وكالمراطلة، فمن هو صاحب الإيجاب والقبول؟ وما هو الثمن والمثمون؟ وفي الجزولي على الرسالة ما حاصله: أن كل واحد من المتعاوضين بائع لما خرج من يده، مشتر لما أخذه، واصطلح الفقهاء على أن آخذ العرض يسمى مشتريا، وآخذ العين يمسى بائعا. انتهى. ومراده بالعين المضروب من النقدين كما عند ابن عرفة. انتهى. قاله الشيخ أبو علي.
إلا بسكر فتردد مستثنى من مفهوم ما قبله فكأنه قال: فلا ينعقد بيع غير المميز إلا أن يكون عدم تمييزه بسكر أدخله على نفسه، ففي عدم انعقاد بيعه تردد؛ أي طريقان، فطريق ابن شعبان وابن شأس وابن الحاجب أن المشهور عدم انعقاد بيعه، وطريق ابن رشد والباجي الاتفاق على عدم انعقاده؛ وبه تعلم أن المؤلف لو أسقط قوله إلا بسكر لخ، لكان أولى؛ لأن بيع غير المميز ليس بمنعقد، إما اتفاقا على ما للباجي وابن رشد، أو على المشهور على ما لابن شعبان ومن وافقه؛ ومحل التردد في السكران الطافح بحرام؛ قال ابن عرفة: والسكران بغير الخمر كالمجنون. انتهى. قلت: وهذا إذا شرب شيئا مباحا أو تداوى به ولم يعلم أنه يسكره، وأما إذا شربه وهو عالم بإسكاره فلا فرق بين الخمر وغيره. قاله الحطاب. وقال عبد الباقي: ومحله فيمن سكر حراما ولو بحلال كلبن حامض يتحقق السكر منه، فإن سكر حلالا ولو بمحرم كشرب خمر يظنه غيره فكالمجنون المطبق، فلا يلزمه بيعه ولا يصح منه. انتهى.