ظاهر المص تبعا لابن الحاجب وابن شاس، وتعقبه مصطفى قائلا: الذي لابن رشد والمازري وعياض وغيرهم صحة العقد ولو من غير مميز، قال: وهو الظاهر إذ لا موجب لفسخه تنرعا، والرواية كذلك، سمع عيسى ابن القاسم: إن باع مريض ليس في عقله فله ولورثته إلزامه المبتاع، ابن رشد: لأنه ليس بيعا فاسدا كبيع السكران عند من لا يلزمه بيعه، وقال المازري في العلم: شرط العاقد إطلاق اليد احترازا من المحجور كالصغير والمجنون والسفيه؛ فسوى بين هذه الثلاثة، ومراده شرط اللزوم، ثم نقل عن عياض ما يقتضي أن عقد المجنون والصغير ليس بفاسد شرعا، قال: واقتصر ابن عرفة على ما لهؤلاء معرضا عن كلام ابن الحاجب وابن شأس من غير تعرض له برد ولا بقبول، وَقَوْلُ الحطاب: الأولى أن يحمل كلام هؤلاء الشيوخ على من عنده شيء من التمييز كالمعتوه، وأما من ليس عنده شيء من التمييز فالظاهر أن بيعه غير منعقد؛ لأنه جاهل بما يبيعه ويشتريه. انتهى. فيه نظر: لأنه خلاف كلامهم. انتهى كلام مصطفى. قال بناني: بل في حمل عليه الحطاب كلامهم هو الصواب، ليوافق ما للمص ومتبوعيه، ويدل له تشبيه ابن رشد بالسكران المختلف فيه، ويأتي أن محل الخلاف عنده في السكران الذي عنده شيء من التمييز، ويشهد له أيضا قول القاضي عبد الوهاب في التلقين: وفساد البيع يكون لوجوه: منها ما يرجع إلى التعاقدين، مثل أن يكونا أو أحدهما ممن لا يصح عقده كالصغير والمجنون أو غير عالم بالبيع، وقول ابن بزيزة في شرحه: لم يختلف العلماء أن بيع الصغير والمجنون باطل لعدم التمييز، وقول أبي عبد الله المقري في قواعده: إن العقد من غير المميز فاسد عند مالك وأبي حنيفة لتوقف انتقال الملك على الرضا لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه (?)). ولا بد من رضي معتبر وهو مفقود من غير المميز. انتهى. وقول المقري في قواعده: إن العقد من غير المميز فاسد عند مالك لخ، نقله مصطفى نفسه، فهذه النصوص صريحة فيما قاله المص من البطلان، على أن ما نقله مصطفى عن المازري وابن رشد لا يدل على ما ادعاه. فتأمله. انتهى. وقوى الرهوني ما للمص غاية، وأبطل ما سواه غاية، بما يعلم بالوقوف عليه فراجعه إن شئت. والله سبحانه أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015