الجواب لابن الصلاح، وهو الذي اختاره كثير من الأئمة، وقال الحافظ بن حجر: الأولى في الجمع بينها أن نفيه صلى الله عليه وسلم للعدوى باق على عمومه، وقد صح قوله صلى الله عليه وسلم لمن عارضه (بأن البعير الأجرب يكون في الإبل الصحيحة فيخالطها فتجرب رادا عليه: فمن أعدى الأول)؟ يعني أن الله تعالى ابتدأ ذلك في الثاني كما ابتدأ في الأول، وأما الأمر بالفرار من المجذوم فمن باب سد الذرائع، ليلا يتفق للشخص الذي يخالطه شيء من ذلك بتقدير الله تعالى ابتداء، لا بالعدوى المنفية، فيظن أن ذلك بسبب مخالطته، فيعتقد صحة العدوى، فيقع في الحرج، فأمر بتجنبه حسما للمادة. والله أعلم.
واعلم أنه لا ينبغي التطير من شيء لأن ما قدر كان، فإن وقع التطير من شيء فالبعد عنه أولى، وفي الترمذي وابن حبان من حديث ابن مسعود: (الطيرة شرك وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل (?)) وقوله وما منا لخ، مدرج من كلام ابن مسعود، وأخرج الطبراني والبيهقي عن أبي الدرداء: (لا ينال الدرجات العلى من تكهن أو استقسم أو رجع من سفره تطيرا (?))، وفي الجامع الصغير: (لن يلج (?)) بدل لا ينال، والكهانة الإخبار عن المغيبات، والاستقسام طلب القسم الذي قسم له، وكانوا إذا أرادوا سفرا أو تزوجا أو نحو ذلك من المهمات ضربوا بالأزلام، وهي القداح وكان على بعضها مكتوب أمرني ربي، وعلى الآخر نهاني ربي، وعلى الآخر غُفْلٌ، فإن خرج أمرني ربي مضى لشأنه، وإن خرج نهاني ربي أمسك، وإن خرج الغفل عاد لها وضرب بها حتى يخرج الأمر أو النهي، وحرم الله عز وجل ذلك بقوله: {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ}.
ورشد؛ يعني أنه يشترط في الحاضن ذكرا كان أو أنثى أن يكون رشيدا أي حافظا للمال؛ لأن له قبض نفقة المحضون، وهذا إن لم يكن عنده من يحضن، فالصبي والسفيه إذا كان لهما ولي يحضن يكون لهما حق في الحضانة، وأفتى ابن هارون بأن السفيهة لها الحضانة، وصوب ابن عرفة فتواه، وقول عبد الباقي: وصوب المتيطي فتواه، قال بناني: غلط فاحش؛ لأن المتيطي توفي قبل ولادة ابن هارون بسنين، وقد اختصر ابن هارون كتابه النهاية، وهو مشهور عند الناس.