أنه إنما يفسخ قبل مع أنه يفسخ قبل وبعد كما علمت. والله سبحانه أعلم. وقوله: "ولو أبانها ثم تزوجها" إلخ قال الشارح: يشير به إلى قوله في المدونة: وإذا طلق مريض زوجته قبل البناء ثم تزوجها قبل صحته فلا نكاح لها إلا أن يدخل بها فيكون كمن نكح في المرض وبنى فيه أي فيفسخ أيضا بعد البناء، وعن سحنون أنه يفسخ قبل البناء فقط. انتهى. والتعليل الذي نقله محمد بن الحسن إنما يتمشى على قول سحنون.
ولم يجز خلع المريضة يعني أن المريضة مرضا مخوفا يحرم عليها أن تختلع من زوجها وكذا يحرم عليه هو أيضا، فالحرمة متعلقة بهما فإن ارتكبا المحرم وتخالعا نفذ الطلاق قطعا فلا يتوارثان ولو ماتت قبل انقضاء العدة، وأما المال المخالع به فقال الإمام مالك في المدونة: إن اختلعت في مرضها وهو صحيح بجميع مالها لم يجز ولا يرثها، وقال ابن القاسم: وأنا أرى لو اختلعت منه على أكثر من ميراثه منها لم يجز، وأما على مثل ميراثه منها فأقل فجائز ولا يتوارثان، اختلف الشيوخ هل قول ابن القاسم مخالف لقول الإمام وعليه فقول الإمام: "ولم يجز" معناه أنه يرد جميع المال المخالع به على كل حال سواء كان أكثر من قدر ميراثه منها أو قدره أو أقل ولو صحت بعد الرد فلا شيء له على هذا التأويل وهو تأويل الأقل؟ أو قول ابن القاسم ليس بمخالف لقول الإمام بل هو تفسير له وعليه فإنما يرد من المال المخالع به البعض المجاوز لإرثه منها لو ورث بتقدير أنه لم يخالع، وقوله: يوم موتها يحتمل أنه متعلق باسم الفاضل فيكون ظرفا لغوا ويحتمل أنه حال من المجرور فيكون ظرفا مستقرا وتأويل الوفاق هو تأويل الأكثر، وكان على المص أن يقتصر عليه. وعلى تأويل الوفاق اختلف هل يعتبر في قدر الميراث يوم موتها وهو الذي مشى عليه المص؟
ووقف يعني أنه إذا فرعنا على القول بأن المعتبر في قدر الميراث يوم موتها فإنه يوقف جميع المال المخالع به عينا أو عرضا إليلا أي إلى يوم موتها، فإن كان قدر ميراثه فأقل أخذه، وإن كان أكثر فقال ابن رشد: لا شيء له منه ولا إرث له بحال، وقال اللخمي: له منه قدر ميراثه ويرد الزائد، وأما إن صحت فيأخذ جميع ما خالعته به، ومعنى الموقف أنه ينزع منها فيجعل تحت يد أمين كما قاله في الجواهر. انظر الشبراخيتي. أو يعتبر في قدر ميراثه منها يوم الخلع وعليه فيتعجل الزوج الخلع إن كان قدر الميراث فأقل.