شهدت عليه البينة في سفره، وقد اختلف ابن القاسم وأشهب في الأمة يعتقها في سفره وتشهد البينة على ذلك ثم يقدم فيطؤها ويستغلها، فاختلفا في الغلة واتفقا أن لا حد عليه ولا فرق بين هذه وبين الحرة. انتهى. قاله الحطاب. ونقل الشبراخيتي عن بعضهم أنه قال: واستشكل الشيوخ عدم الحد واختلفوا في الاعتذار عنه، فقال الأبهري: لأنهما على حكم الزوجية حتى يحكم بالفراق، ومحمد لأنها تعتد من يوم الحكم بالفراق وهو غير ما قبله؛ لأنه ليس فيه دلالة على أنهما على أحكام الزوجية والمازري كأنه مقر بزنى ثم رجع عنه وقيل إنه جوز عليه النسيان. وقول التتائي: إذا شهدت عليه أربعة بالطلاق فيه نظر لثبوته بشهادة اثنين. انتهى.
وقوله: "وإن أشهد به في سفر" إلخ قال في أواخر كتاب الأيمان بالطلاق من المدونة: ومن طلق زوجته في سفر ثلاثا ببينة ثم قدم قبل البينة فشهدوا بذلك وهو منكر للطلاق ومقر بالوطء فليفرق بينهما ولا شيء عليه، قال يحيى بن سعيد: ولا يضرب، وروى عن علي عن مالك فيمن شهد عليه أربعة عدول أنه طلق امرأته البتة وأنهم رأوه يطؤها بعد ذلك وهو مقر بالمسيس أنه يفرق بينهما ولا حد عليه، قال سحنون: وأصحابنا يأبون هذه الرواية ويرون عليه الحد.
ولو أبانها ثم تزوجها قبل صحته فكالمتزوج في المرض يعني أن الزوج إذا أبان زوجته في مرضه الخوف ثم إنه تزوجها قبل صحته من مرضه الذي أبانها فيه فإن حكم نكاحه كحكم نكاح المتزوج في المرض، فيفسخ ولو ولدت الأولاد إلا أن يصح الزوج ولها الأقل من ثلاثة أشياء: المسمى، وصداق المثل، والثلث، وأما الإرث فثابت، قال عبد الباقي: فإن قلت العلة في منع نكاح المريض إنما هو إدخال وارث وهذه الصورة قد أمن فيها ذلك؛ لأن المطلقة في المرض لا ينقطع ميراثها؟ قلت: هذا النكاح الثاني قد يعرض له ما يصيره سببا للإرث لو سلم من الفسخ وذلك إذا صح بعده صحة بينة، فلذلك فسخناه مراعاة للطارئ وهذا على طريقة "ومنع نكاح النصرانية والأم". انتهى.
قال محمد بن الحسن: لا يخفى ما في هذا الجواب بل هو جواب ساقط، والظاهر التعليل بالغرر في المهر لأنه في الثلث فلا يدرى أيحمله أم لا، فلو تحمل بالمهر أجنبي لم يفسخ لثبوت المهر في مال الأجنبي والإرث بالنكاح الأول كما نقله المواق والتوضيح، وهذا التعليل فيه نظر لأنه يقتضي