قال جامعه عفا الله عنه: فلو كان أكثر من إرثه منها فمقتضى كلام ابن القاسم أنه يرد ولا شيء له وهو الذي قاله ابن رشد فيما إذا كان المعتبر فيما يرثه منها يوم موتها كما مر عنه قريبا. والله سبحانه أعلم.
تأويلان أي في ذلك تأويلان، تأويل بالخلاف وهو تأويل الأقل وتأويل بالوفاق وهو تأويل الأكثر، قال محمد بن الحسن: ومقتضى كلام المص أن التأويلين في الرد وعدمه مع الاتفاق على المنع وهو غير ظاهر، بل هما في الجواز وعدمه. انتهى. أي لأن الإمام مالكا قال: لا يجوز خلع المريضة، وابن القاسم قال: إذا اختلعت منه بقدر ميراثه فأقل جاز وإلا فلا فأحد التأويلين وهو تأويل الوفاق يقول بجواز الخلع على قدر ميراثه منها فأقل؛ أي أن الإمام يجيز ذلك كما أجازه ابن القاسم، وتأويل الخلاف وهو تأويل الأقل يقول إن الإمام لا يجيز ذلك وإنما يجيزه ابن القاسم.
وعلم مما قررت أنه على القول بأن المعتبر في قدر ميراثه منها يوم موتها يوقف جميع المال المخالع به، وقال التتائي: يوقف قدر ميراثه منها ونحوه لأحمد وهو غير صحيح؛ إذ حيث كان المعتبر يوم الموت فلا يعرف قدر الميراث إلا بالموت، فكيف يقال: يوقف قدر الميراث كما قاله محمد بن الحسن؟ قال: والمتعين قول أبي الحسن أنه يوقف جميع ما خالعت به عينا أو عرضا. انتهى.
واعلم أن في المسألة خمسةَ أقوال: أحدها: البطلان مطلقا وهو مذهب الموازية وأحد التأويلين، ثانيها: أن له ما خالعته به إن كان قدر ميراثه منها فأقل، ثالثها: الإمضاء مطلقا، الرابع: له خلع المثل، خامسها: يكون له ما خالعته به من الثلث. وقوله: "ووقف إليه" مذهب اللخمي أنه إن كان الخلع على دنانير أو دراهم لا توقف، وإن كان على عبد أو دار منعت من بيعه والتصرف فيه، فإن صحت أخذه وإن ماتت كان الورثة بالخيار بين أن يجيزوه أو يردوه ميراثا لأنهم شركاؤه، ويكون على حقه في الميراث. انظر التوضيح.
تنبيه: من توفيت وأوصت لزوجها وهو غائب بثلث مالها وقد تركت ولدا منه أو من غيره، فقيل لها: لا وصية لوارث، فقالت: إنه كتب إلي بالطلاق فسترت ذلك وقدم الزوج فصدقها فإنه لا يدفع له أزيد من إرثه منها إلا أن يصدقها الورثة. قاله غير واحد. ابن الحاجب: وصلح المريضة