يديه وضع كميه فقيل له ما هذا يا أبا هريرة؟ فقال: إنما هي التي أدخلت وأما أنا فلم أدخل قد رددت إذ لم تكن علي ثم بكى، وقال: ذهب حبيبي ولم ينل من هذا شيئا وبقيتم تهدبون بعده، قال ابن رشد: هذه الوليمة التي رد فيها أبا هريرة من لم يميزه من حجاب باب الوليمة؛ إذ ظنه فقيرا لما كان عليه من الثياب الدون، وأدخله بعد ذلك من رآه من حجابها في صفة الأغنياء بالثياب الحسان هي التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء ومن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله (?))، ويروى: بئس الطعام ويريد أنه بئس الطعام لمطعمه إذ رغب عما له في الحظ أن لا يخص بطعامه الأغنياء دون الفقراء، فالبأس في ذلك عليه لا على المدعو، لقوله في الحديث نفسه: (ومن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله)، وبكى رضي الله عنه شفقا من تغير الأحوال على قرب المعهد بالنبي صلى الله عليه وسلم ورغبة الناس عما ندبوا إليه في ولائمهم من عملها على السنة (?) وترك الرياء فيها والسمعة. وبالله التوفيق. نقله الإمام الحطاب.

الثاني: قال ابن العربي في العارضة: روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه دعا في وليمة الأغنياء والفقراء، فعزل الفقراء عنهم وقال نطعمكم مما يأكلون لا تفسدوا عليهم ثيابهم وهذا مما لم يثبت فلا تعولوا عليه. انتهى المراد منه. قاله الحطاب.

الثالث: قال محمد بن الحسن: قال ابن العربي: كان عليه الصلاة والسلام يجيب كل مسلم فلما فسدت مكاسب الناس والنيات كره العلماء لذي المنصب أن يتسرع للإجابة إلا على شروط، هذا وليس في السنة إجابة من يطعم مباهاة وتكلفا، بل جاء النهي عن ذلك لكن في الإحياء أنه إنما يحرم الرياء بالعبادات لا بالدنيا كالتجمل للناس، قال في الإحياء: انصراف الهمم إلى طلب الجاه نقصان في الدين ولا يوصف بالتحريم، فعلى هذا نقول تحسين الثوب الذي يلبسه عند خروجه إلى الناس مراءاة وليس بحرام لأنه ليس رياء بالعبادة بل بالدنيا، وقس على هذا كل تجمل للناس وتزين لهم، ثم قال: فإذن المراءاة بما ليس من العبادات قد تكون مباحة وقد تكون طاعة وقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015