وكلام ابن الحاجب: وتكره للكافر على الأشهر، وقال ابن حبيب: لا خلاف بين قولي مالك، بل يكره البعث إليهم إذا لم يكونوا في عياله، ويجوز إطعامهم إذا كانوا في عياله، ولا يصح أن يكون المص أشار بالتردد إلى طريقة ابن حبيب وابن رشد؛ لأن عبارة المص تفيد أن محل التردد من هو في عياله وابن حبيب أيضا من المتقدمين فلا يشار إليه بالتردد. والله تعالى أعلم. قاله الشيخ محمد بن الحسن.
وعلم مما تقدم أن ابن حبيب وابن رشد متفقان على الإباحة في عياله، وعلم من كلام ابن رشد المتقدم أنه سوى بين البعث إليه وبين إعطائه ما يذهب به إلى بيته. والتغالي فيها؛ يعني أنه يكره التغالي في ثمن الضحية بأن يزيد على غالب شراء أهل البلد؛ كأن يجد ضحية تباع بعشرة فيشتري ضحية بأربعين وذلك قيمتها، وكذا يكره التغالي في عددها، والعلة في المسألتين خوف المباهاة، والأقسام ثلاثة: الكراهة إن خاف قصد المباهاة، والمنع إن تحقق قصد المباهاة، والندب إن نوى فضيلة وزيادة ثواب بزيادة ثمنها أو عددها. وفي الحديث: (أفضل الرقاب أغلاها ثمنا (?)). واعلم أن ما قصد به الرياء من العبادات يحرم، وما في عبد الباقي غير ظاهر. ابن الجوزي عن بعض التابعين: لا يماكس في ثمن الأضحية ولا في شيء مما يتقرب به إلى الله تعالى. قاله الشيخ عبد الباقي.
فائدة: قال العلامة سيدي أحمد بن مبارك اللمطي: سمعته؛ يعني الشيخ العارف عبد العزيز الدباغ رضي الله عنه، يقول: وكان اليوم يوم العيد الأكبر -أنه ينزل في هذا اليوم ملائكة لقبض أرواح الضحايا، فترى فوق كل بلدة أو مدينة أو موضع يذبح فيه الضحايا ملائكة كراما يحومون لا ينزلون إلا في هذا اليوم، فإذا ذبحت الضحية أخذوا روحها وذهبوا بها إما إلى الجنة وإما إلى النار، فإن كانت نية صاحبها صالحة في ذبحها، وأنه لم يرد بها إلا وجه الله خالصا ولم يرد بها فخرا ولا كبرا ولا رياء ولا خيلاء أخذوا روح أضحيته وذهبوا بها إلى قصوره في الجنة، فتصير من جملة نعمه التي في الجنة، وإن كانت نية صاحبها على العكس من ذلك وكانت نيته فاسدة وعمله لغير وجه الله أخذوا روح أضحيته وذهبوا بها إلى جهنم، وتصير نقمة من النقم التي أعدت