وإن بعدت إن اتسع الوقت لإدراك الحج ولم تعظم مشقتها وإلا لم تلزمه، وقوله: "ولا يلزمه"؛ أي لا يجب عليه، وينبغي الحرمة لقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، وفي بعض النسخ: مخيف بضم الميم، وإسناد الإخافة إلى الطريق مجاز؛ لأن الخيف قاطعها لا هي. والله سبحانه أعلم.

وفي الحطاب: قال في التوضيح: إذا كانت [الطريق غير مخوفة] (?)، ولو كانت أبعد، فليس بمحصور إن بقي من المدة ما يدرك فيه الحج. انتهى. فمفهومه أنه لو بقي من المدة ما لا يدرك فيه الحج أنه محصور، وقال في الطراز: إن كانت له طريق أخرى يقدر على الوصول منها لا يخاف فليس بمحصور، وليسلك تلك الطريق طويلة كانت أو قصيرة، يخاف فيها الفوات أو لم يخف، وهو كمن أحرم بالحج من أول ذي الحجة من مصر أو بأقصى المغرب، فإنه وإن أيس من إدراك الحج لا يحله إلا البيت لأنه يجد طريقا إلى البيت. انتهى. فتأمله مع كلام التوضيح. فإن مفهوم كلامه في التوضيح مخالف له. والله أعلم. انتهى كلام الحطاب.

وكره إبقاء إحرامه، ليس هذا من فروع المحصر للعدو ومن في حكمه، وإنما هو في حق من فاته بأحد الوجوه الآتية؛ إذ من تقدم يكره له البقاء على إحرامه إلى قابل بعد أو قرب؛ يعني أن من فاته الحج بأحد الوجود الآتية يندب له التحلل بعمرة، ويكره له البقاء على إحرامه في الحج لقابل من غير أن يتحلل بفعل عمرة.

ومحل الكراهة إن قارب مكة أو دخلها؛ لأنه لا يأمن على نفسه من مقاربة صيد أو نساء، فإحلاله أولى وأسلم؛ إذ الغالب عدم الوفاء بحق الإحرام مع طول المقام، وإنما ذكر المصنف "أو دخلها"، وإن كان أحرى ليلا يتوهم تحريم إبقاء إحرامه إن دخل، وأنه يجب عليه التحلل بفعل عمرة وليس كذلك، فإن بعد عن مكة لم يكره له البقاء على إحرامه إلى قابل، ووجه التفصيل الذي ذكره المصنف أنه لما كان لا يتحلل إلا بعمرة، خير في البعد لتعارض مشقة البقاء على الإحرام ومشقة الوصول إلى البيت، وكره البقاء مع القرب لتمكنه من البيت، وإذا بقي على إحرامه أجزأه على المشهور خلافا لابن وهب، قال: لا يجزئه عن حجة الإسلام ولا هدي عليه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015