واعلم أنه إنما يكون له التحلل بشرطين أحدهما أشار إليه بقوله: إن لم يعلم؛ يعني أنه إنما يكون له التحلل بشرط أن يكون حين إحرامه لم يعلم بالعدو أو الفتنة أو الحبس لا بحق، فإن علم بذلك فليس له التحلل إلا أن يكون حين إحرامه ظن أن العدو لا يمنعه فمنعه فله التحلل، (كما وقع له صلى الله عليه وسلم أنه أحرم عالما بالعدو ظانا أنه لا يمنعه، فلما منعه تحلل (?))، فبان من هذا أن مفهوم "إن لم يعلم"، فيه تفصيل.
وعلم مما قررت أن الضمير في قوله: به، يرجع لما ذكر من عدو أو فتنة أو حبس، قال عبد الباقي: وهذا أولى من رجوع ضمير "به" للمنع لشموله للشك؛ إذ معناه لم يعلم بالمنع بأن طرأ العدو أو سبق، ولم يعلم به أو علمه وظن عدم منعه أو شك في منعه، والنقل أنه ليس له التحلل عند الشك اتفاقا، نعم له فيه ترك الإحرام ابتداء كما في كلام يحيى الحطاب. قاله الشيخ عبد الباقي. وقوله: ليس له التحلل عند الشك اتفاقا الخ، قال محمد بن الحسن عنده: الذي في التوضيح قال اللخمي: وإن شك في منعهم له لم يتحلل إلا بشرط الإحلال، ثم قال خليل: وظاهر المذهب أن شرط الإحلال لا يفيد. انتهى. وبهذا جزم المصنف، فقال فيما يأتي: "ولا يفيد لمرض أو غيره نية التحلل بحصوله"، ونقله في التوضيح عن المازري وعياض. انتهى.
وحاصل ما للحطاب أن الظن ملحق بالعلم، وأن الشك والوهم لا يتحلل معهما، وجلب الحطاب كلام التوضيح.
واعلم أن قوله: فله التحلل فيما إذا أحرم بحج أو عمرة كما مر، لكن إذا أحرم بالحج فالمنع حينئذ المراد به المنع من البيت وعرفة معا، وأما العمرة فالحصر فيها عن البيت؛ إذ ليس لها وقوف بعرفة، فإذا حصر عنهما معا فله التحلل بالنية، وإن حصر عن أحدهما في الحج، فإن كان بمكان قريب بأن حصر عن عرفة لم يحل إلا بعمرة، وعن البيت فلا يحل إلا بالإفاضة وبمكان بعيد، حكمه حكم من حصر عنهما معا إن حصر عن الوقوف بعرفة، وأما إن حصر عن الإفاضة فلا يحل إلا بالإفاضة، وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى، والحصر في العمرة هو الأصل لا رواه مالك في الموطإ (أنه بلغة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حل هو وأصحابه بالحديبية