الذي أحرم به كونه حُيسَ ظلما وعدوانا، فإن له أن يتحلل بالنية مما هو محرم به حيث كان، فمعنى قوله: لا بحق أنه حبس ظلما وعدوانا من غير حق مترتب عليه، وذلك صادق بما إذا حبس في غير حق أصلا، وبما إذا حبس بحق ثابت مع ثبوت عسره، وخرج منعه بحق ثابت مع عدم ثبوت عسره فهو كالمنع بالمرض، فلا يتحلل إلا بفعل عمرة لا بالنية فقط، وظاهر كلام ابن رشد أن المعتبر في الحبس بحق ظاهر الحال، وإن لم يكن حقا في نفس الأمر حتى أنه إن حبس بتهمة ظاهرة فهو كالمرض، وإن كان يعلم من نفسه أنه بريء وهذا هو ظاهر المدونة والعتبية كما نقله الحطاب، قال ابن عبد السلام: وفيه عندي نظر، وكان ينبغي أن يحال المرء على ما يعلم من نفسه؛ لأن الإحلال والإحرام من الأحكام التي بين العبد وربه وقبله في التوضيح، وظاهر الطراز يوافقه. انظر الحطاب. وقوله: "أو حبس لا بحق"، ذكره في البيان عن مالك، وفي الموازية عن مالك. أن حبس السلطان كالمرض. ولم يفصل، وساق ابن رشد الأول على أنه تفسير لهذا وهو اختيار ابن يونس، فلذا اعتمده المصنف، ونقل ابن بشير أنه -أي الحبس- كالعدو.
بحج أو عمرة؛ يعني أن له أن يتحلل بالنية في المأمور الثلاثة، سواء كان محرما بحج أو عمرة، قال فيها: والمحصر بعدو غالب أو فتنة في حج أو عمرة يتربص ما رُجِيَ كشف ذلك، فإذا أيس من أن يصل إلى البيت فليحل بموضعه حيث كان من البلاد بالحرم أو غيره، ولا هدي عليه إلا أن يكون معه هدي فلينحره هنالك، ويحلق أو يقصر ويرجع إلى بلده. انتهى. وقوله: "وإن منعه عدو"؛ يعني من الكفار، وقوله: "أو فتنة"؛ يعني الفتنة الواقعة بين المسلمين فلا تكرار، وقوله: "أو حبس"، مصدر عطف على فاعل "منعه"، وقوله: "بحج أو عمرة"، الباء للملابسة؛ أي حال كونه أي المحرم متلبسا بحج أو عمرة. قاله الخرشي. وهو صريح في أن قوله: "بحج أو عمرة". ظرف مستقر.
وعلم مما قررت أن قوله: فله التحلل، جواب الشرط؛ أعني قوله: "وإن منعه"، فهو راجع إلى الأمور الثلاثة، ومعنى قوله: "فله التحلل"، أن له أن يخرج من إحرامه بالنية وهو أفضل في حقه من البقاء على إحرامه، قارب مكة أو دخلها، دخلت أشهر الحج أم لا كما هو ظاهر إطلاقهم.