وقبله نحرا إن قلدا؛ يعني أن الهدي الواجب أو جزاء الصيد إذا ضل أو سرق فأبدله صاحبه ثم وجد الهدي الأصلي قبل نحر البدل، فإنهما -أي الهدي الأصلي والبدل- ينحران معا إن كانا قد قلدا لتعينهما بالتقليد، وإلا بأن وجد الضال قبل نحر بدله وهما غير مقلدين، أو الضال مقلد دون البدل، أو البدل مقلد دون الضال بيع واحد منهما؛ أي من غير المقلدين في الصورة الأولى إما الضال أو بدله، ونحر الآخر أو ذبح، وبيع غير الضال في الصورة الثانية، ونحر الضال وبيع الضال في الثالثة ونحر البدل أو ذبح، ويستحب أن ينحر أفضلهما، ومثل التقليد الإشعار. والمراد بقوله: "بيع واحد"، أنه يفعل به ما شاء؛ لأنه لم يتعين للهدي لا خصوصية البيع فقط، وخص البيع لأنه أقوى في الدلالة على التصرف، والمراد ببيع أحدهما بيع واحد منهما لا بعينه في الصورة الأولى، وواحد معين في الأخيرتين.
الخرشي: والمراد بالتقليد هنا الخاص لا سوقه على سنة الهدي الذي هو أعم. انتهى.
ولما أنهى الكلام على ما أراد من مسائل الحج والعمرة شرع في الكلام على موانعهما، وعدها في توضيحه خمسة، وزاد عليه بعض، فقال: العدو والفتن والمرض والحبس والزوجية والرق والسفه والدين والأبوة، قال في توضيحه: زاده ابن شأس، وكأن المؤلف أسقطه إما لأنه مختلف فيه، وإما لأنه لا يمنع من إتمام النسك، وإن منع منه ابتداء بخلاف المرض والعدو وحبس السلطان ومنع السيد، فإنها تمنع ابتداء ودواما، واختلف في الزوجية هل تمنع الدوام أم لا؟ انتهى فقال: فصل في ذكر موانع الحج والعمرة بعد الإحرام، ويقال للممنوع: محصر، ولما كان الحصر مطلقا على ثلاثة أقسام كما في توضيحه عن البيت وعرفة معا، وعن البيت فقط، وعن عرفة فقط، بدأ بالأول منها مصدرا بواو الاستئناف، فقال: وإن منعه عدو؛ يعني أن الشخص إذا أحرم بحج أو عمرة فحصر عن مواضع النسك الذي أحرم به بسبب عدو من الكفار تغلب على البلاد -نعوذ بالله من ذلك- فإن له أن يتحلل بالنية مما هو فيه، أو فتنة؛ يعني أن الشخص إذا أحرم بحج أو عمرة فحصر عن مواضع النسك الذي أحرم به بسبب فتنة وقعت بين المسلمين، كالفتنة الواقعة بين ابن الزبير والحجاج، فإن له أن يتحلل بالنية مما هو محرم به حيث كان بالحرم أو غيره أو حبسٌ؛ يعني أن الشخص إذا أحرم بحج أو عمرة فمنعه عن الوصول لمواضع النسك