مثله في الضحايا، قال أبو إسحاق: إذا وجد بدنة ضالة في أيام منى لم ينحرها إن لم يعرف صاحبها إلا في اليوم الثالث من أيام النحر لعل ربها أن يأتي، فإذا خيف خروج أيام منى نحرها عن ربها وأجزأته؛ لأنها بالتقليد والإشعار وجبت.
ولو نوى عن نفسه إن غلط؛ يعني أن الغير إذا نوى الهدي المقلد عن نفسه فإنما يجزئ عن صاحبه إذا كان ذلك غلطا، وأما إن نوى عن نفسه تعديا فإنه لا يجزئ عن صاحبه ولا عن الذابح، ولربه أخذ القيمة منه كما قاله بناني، قال في التوضيح: ولا يجزئ سواء وكله صاحبه على ذبحه أو لم يوكله، وقاله ابن عرفة أيضا، وهذا هو المشهور وهو مذهب المدونة، قاله في الرفقاء يغلطون فيذبح هذا هدي هذا ويذبح الآخر هدي الآخر أنه يجزئ. قاله الحطاب. وإذا لم يجز صاحبه في مسألة التعدي فالمشهور أنه لا يجزئ الذابح، وروى أبو قرة عن مالك أنه يجزئ الذابح وعليه قيمته. انتهى. وفي ابن الحاجب: وإذا نحر الهدي غير صاحبه عن صاحبه أجزأه، وإن كان بغير إذنه، ونحوه في المدونة. وفي شرح عبد الباقي مبينا لمفهوم قوله: "إن غلط": فإن تعمد لم يجز عن الأصل أنابه أم لا، ولا عن المتعمد أيضا، بخلاف الأضحية فتجزئ عن ربها، ولو ذبحها النائب عن نفسه عمدا، ولابد من إنابة ربها له دون الهدي، فهي تخالف الهدي في هذين الأمرين؛ أي أنه إذا لم يستنبه لم تجز الضحية على أي وجه ذبحت إلا في عادة كقريب، بخلاف الهدي فيجزئ إن ذبحه بعد التقليد ولو بغير إذن المهدي كما عرفت، ثاني الأمرين أن الضحية تجزئ فيما إذا استنابه المالك على التضحية، وإن ذبحها النائب عن نفسه عمدا بخلاف الهدي فلا يجزئ حيث ذبح الغير عن نفسه عمدا أنيب أم لا، والفرق في الأمر الأول أن الضحية لما كان لربها أكلها دون وجوب تصدق وإنما المدار على إظهار شعيرة الإسلام طلب فيها الاستنابة حيث لم يذبح ولم تجز مع عدمها، والهدي لما منع مهديه من أكله إما مطلقا أو في بعض الحالات كما مر كان كل أحد كأنه مخاطب بذكاته لإيصاله للفقراء، فلذا أجزأ فعل غيره بغير إذنه، وأما في الثاني فالفرق بينهما أن الضحية لما افتقرت إلى إنابة أجزأت عن ربها مع نية النائب عمدا عن نفسه، لإلغاء نيته لأنها خلاف نية المنيب، والهدي لما لم يفتقر لإنابة لم يجز