والحاصل أنه إذا مات بعد رمي العقبة أو بعد فوات وقت رميها أو بعد الإفاضة، فالهدي من رأس المال، فإن مات قبل الثلاثة -أي مات والحال أنه لم يرم، ولم يطف للإفاضة، ولم يفت وقت الرمي بغروب يوم النحر- فلا شيء عليه لا من رأس مال ولا من ثلث ولا يعارض ما هنا قوله: "ودم التمتع يجب بإحرام الحج"؛ لأن معنى قوله: "يجب": يجب وجوبا موسعا فيه، وإنما يتحتم برمي العقبة وما هو مثلها، ونظير هذا ما يأتي من أن كفارة الظهار تجب بالعود وتتحتم بالوطء، ومفهوم قوله: "متمتع"، أنه إن مات القارن فالهدي من رأس ماله حيث أردف الحج على العمرة إردافا صحيحا ثم مات. قاله عبد الباقي. والخرشي.
وسن الجميع وعيبه كالأضحية، قوله: "سن" بكسر السين مبتدأ، وقوله: "كالأضحية" خبر عنه وعن المعطوف عليه؛ يعني أن سن جميع دماء الحج من هدي وجزاء ونسك وعيبه كسن الأضحية وعيبها، فما لا يجزئ في الأضحية من السن لا يجزئ هنا، وما لا يجزئ من جهة العيب فيها لا يجزئ هنا، والسن هي المشار إليها بقول المصنف في باب الضحية "بجذع ضأن وثني معز وبقر وإبل ذي سنة وثلاث وخمس"، والعيب هو المشار إليه بقوله: "كبين مرض وجرب وبشم" الخ، وبقوله: "لا إن أدمى"، وتخالف الأضحية في أن الذكر والأنثى هنا سواء، وإنما الأفضل عند مالك الأعظم بدنا ذكرا أو أنثى، ومن العلماء من يرى أن الأنثى أفضل.
والمعتبر حين وجوبه وتقليده؛ يعني أن المعتبر في مساواة الهدايا ونحوها للضحايا في السن والعيب المذكورين إنما هو من حين وجوب الهدي، وتقليده لا يوم نحره وهذا هو المشهور، وليس المراد بالوجوب أحد الأحكام الخمسة، وإنما المراد تعيينه وتمييزه ليكون هديا، والمراد بالتقليد هنا أعم منه فيما يأتي؛ لأن المراد به هنا إنما هو تهيئته للهدي، وإخراجه سائرا إلى مكة كالغنم فإنها لا تقلد، فالمراد بالتقليد والوجوب هنا متقارب. قاله الحطاب.
سند: الهدي يتعين بالتقليد أو بالإشعار أو بسوقه أو نذره وإن تأخر ذبحه، قال الحطاب: وَيُبَيِّنُ ذلك -يعني ما قدمته عنه من تقارب التقليد والوجوب- ما في بعض نسخ ابن الحاجب: ويعتبر حين الوجوب وهو حين التقليد. انتهى. وفي الخرشي: وقوله: "وتقليده"، عطف تفسير، وإذا