فجاج مكة الخ، على أن قوله: هذا المنحر؛ أي المندوب كما قال المصنف، وقال إمامنا مالك رضي الله تعالى عنه: منى كلها منحر إلا ما خلف العقبة، قال: وأفضل ذلك عند الجمرة الأولى. نقله سند عن الموازية، وكذا ابن عرفة وغيرهما. والله أعلم. قاله الحطاب.
وفي الإكمال: واختلف عندنا فيما خرج عن بيوتها من فجاجها؛ أيجزئ الذبح بذلك أم لا؟ انتهى. نقله الشارح. وفي الموازية عن مالك: كل ما محله من الهدي مكة ولم يقدر أن يبلغ به داخل بيوت مكة ونحره في الحرم لم يجزئه، وإنما محله مكة أو ما يليها من منازل الناس. نقله الشارح. وفي نقل الشارح (أنه قد نحر النبي صلى الله عليه وسلم هديه بالحديبية في الحرم (?))، فأخبر الله تعالى أن ذلك الهدي لم يبلغ محله، قال في البيان. قوله نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم هديه بالحديبية في الحرم، معناه: نحر هديه في الحرم إذ كان بالحديبية؛ لأن الحديبية في الحل، لكنه لم يكن صلى الله عليه وسلم ممنوعا من دخول الحرم، فبعث بهديه من الحديبية إلى الحرم فصحت لمالك الحجة بذلك، كما ذهب إليه من أن محل الهدي من الحرم مكة القرية بنفسها لا جميع الحرم؛ لإخبار الله تعالى أنه لم يبلغ محله لقوله: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ}. انتهى.
وكره؛ يعني أن الشخص إذا نحر غيره هديه عنه أو ذبحه عنه، فإنه لا إشكال في إجزاء ذلك ولكنه يكره، فالمستحب للشخص المهدي أن يباشر ذكاة هديه بنفسه. كالأضحية؛ يعني أن الهدي كالأضحية في أنه يكره أن يذبح أو ينحر غيره عنه أضحيته، ولا إشكال في الإجزاء، وفهم من التشبيه أنه لا بد من كون النائب مسلما، وإلا لم يجز ما ذبحه أو نحره من أضحية -وهو كذلك- لأن ذبح الأضحية والهدي قربة والكافر ليس من أهل القرب. ابن يونس: كره مالك للرجل أن ينحر هديه أو أضحيته غيره. ابن المواز: وتلي المرأة ذبح أضحيتها بيدها أحب إلي، وظاهر كلام المؤلف أنه ليس له الاستنابة ولو لم يهتد إلا بمعلم وهو كذلك، إلا أن لا يحسنه جملة.
وعلم مما مر صريحا أنه لو استناب مع القدرة فإن ذلك يجزئه، وقد استناب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه بعد أن نحر من البدن سبعا في عام الحديبية، وكان الهدي