وقوله: كإن ساقه فيها ثم حج من عامة؛ تشبيه في الإجزاء، والضمير المجرور "بفي" عائد على العمرة؛ يعني أن المعتمر إذا ساق هدي التطوع في عمرته، فلما حل من عمرته بدا له فأحرم بالحج وحج من عامة ذلك وصار متمتعا، فإنه يجزئه هدي التطوع عن تمتعه كما أجزأ عن قرانه، وهو أحد قولي مالك في المدونة. ابن القاسم: هو أحب إلي، وقد فعله أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال صاحب الطراز وغيره: إن الخلاف جار مطلقا سواء ساق الهدي بنية التطوع، أو ساقه ليجعله عن متعته، فالقول بالإجزاء غير مقيد، وتأول عبد الحق المدونة على أن الخلاف إنما هو إذا ساقه للمتعة، وأما إذا ساقه بنية التطوع فإنه يتفق على أنه لا يجزئه عن المتعة، وإليه أشار بقوله: وتؤولت أيضا بما إذا سيق للتمتع؛ يعني أن عبد الحق تأول القول الذي في المدونة بالإجزاء على ما إذا سيق الهدي للتمتع أي ساقه ليجعله عن متعته، وأما إذا سيق بنية التطوع فإنه لا يجزئ، والمذهب من التأويلين الأول لأنه ظاهر الكتاب. قاله عبد الباقي. وقال: فإن قلت: لِمَ أجزأ التطوع المحض عن القران ولم يجز عن التمتع على التأويل الثاني إذا لم يُسَقْ له؟ قلت: لأن القران لما كانت العمرة فيه تندرج في الحج فتعلقها بالحج فيه أقوى من تعلقها به في التمتع، فكأن الذي سيق فيها سيق في الحج، ومثله في الخرشي، فإن قيل: يشكل الكلام فيما إذا سيق للتمتع فإنه ليس من هدي التطوع في شيء، والكلام إنما هو في هدي التطوع، فالجواب أنه لما قلده أو أشعره قبل الإحرام بالحج سماه تطوعا لذلك فهو تطوع حكما، ويجزئ عن متعته، وفي الخرشي: أن قوله: "سيق للتمتع"، يشمل ما إذا سيق ابتداء للتمتع أو للتطوع، ثم جعله للتمتع على تقدير حصوله، فلا منافاة بين كونه سيق تطوعا وبين كونه سيق للتمتع، ثم إنه لا إشكال في أنه يستحب له أن لا يجتزئ به. قاله الحطاب.

والمندوب بمكة المروة؛ يعني أن الهدي الذي ينحر أو يذبح بمكة يندب أن يكون نحره أو ذبحه بالمروة، لما في الموطأ وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بمنى: (هذا المنحر وكل منى منحر)، وفي العمرة عند المروة: (هذا المنحر وكل فجاج مكة وطرقها منحر (?)). والمراد بمكة: القرية نفسها، فلا يجوز النحر بذي طوى، بل حتى يدخل مكة كما قال ابن القاسم، ودل قوله: وكل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015