وإن أردف لخوف فوات؛ يعني أنه لو أحرم شخص بعمرة، وساق هديا تطوعا وقلده أو أشعره، ثم إنه أردف حجا عليها لأجل خوف فوات الحج، إن تشاغل بعمل العمرة بسبب ضيق الوقت، فإنه يجزئه ذلك الهدي لقرانه الحاصل بإردافه الحج على العمرة، أو حيض؛ يعني أن المرأة إذا أحرمت بعمرة وساقت معها هديا تطوعا، ثم إنها حاضت وخافت إن استمرت على حيضها حتى تكمل العمرة فتطهر فاتها الحج فأردفت الحج على العمرة لأجل ذلك، فإنه يجزئها لقرانها الحاصل بإردافها الحج على العمرة ذلك الهدي؛ أي هدي التطوع الذي ساقته في إحرام عمرتها، قال مقيد هذا الشرح عفا الله عنه: الظاهر أن قوله: "أو حيض"، عطف على مقدر؛ أي أردف شخص لخوف فوات بالتشاغل بالعمرة لضيق وقت أو حيض. والله سبحانه أعلم.
وعلم مما قررت أن قوله: أجزأ التطوع لقرانه، جواب الشرط؛ أعني قوله: "وإن أردف"، فهو راجع للمسألتين -أعني- خوف الفوات بالتشاغل بالعمرة، وخوف الفوات في انتظار الطهر من الحيض، وقوله: "التطوع"؛ أي هدي التطوع، وهو ما سيق لغير شيء وجب أو يجب في المستقبل، والضمير في قوله: "لقرانه"، يرجع لما ذكر من الشخصين، ولو حذف المصنف قوله: "لخوف فوات أو حيض"، لكان أشمل وأخصر؛ إذ لو أردف لا لخوف فوات ولا لعذر لكان الحكم كذلك، وكلامه يوهم خلاف ذلك، فالمدار على إردافه في محل يصح فيه الإرداف، وظاهر قوله: "أجزأ التطوع لقرانه"، وإن قلد أو أشعر للعمرة قبل الإرداف، قال عبد الوهاب في المعونة: ويستحب للمردفة لحيض أن تعتمر بعد فراغها من القران، كما فعلت عائشة رضي الله عنها، وقوله: "أجزأ التطوع لقرانه"، لكن الأفضل في المسألتين هدي غيره، وقوله: "وإن أردف لخوف فوات أو حيض"، قال الخرشي: موضع نحره مكة إن نظر لإحرامه أولا بالعمرة، وإن نظر للمآل فموضع نحره منى؛ لأنه حج وهو الظاهر. انتهى.
وقوله: "أجزأ التطوع لقرانه"، قال الشارح: فإن قيل هدي التطوع صار بالتقليد والإشعار واجبا لغير القران فلا يجزئ عنه، أجيب بأن الحج قد يجزئ بعض أفعاله بنية التطوع عن الواجب كما في الإفاضة إذا نسي طوافها ثم طاف بعده تطوعا. انتهى.