لأن الله تعالى إنما أباح الصوم لغير الواجد، لقوله عز وجل: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}. أو وجد مسلفا لمال ببلده؛ يعني أن من قدر على الهدي لكونه وجد من يسلفه لا يجزئه أن يصوم، بل يجب عليه أن يهدي بشرط أن يكون مليا ببلده، فإن لم يجد مسلفا أو لا مال له ببلده صام، ولا يؤخره لبلده ولا لمال يرجوه بعد خروج أيام الحج؛ لأنه مخاطب بصوم الثلاثة في الحج بخلاف من يكفر ليمين، وكذا عند ابن القاسم لظهار فإنهما يؤخران؛ لأنهما في سعة. وقوله: "لمال"، اللام إما بمعنى: مع، وهو متعلق "بوجد"؛ أي وجد مسلفا مع مال ببلده، وإما صلة "لمسلف"، وقوله: "ببلده"، متعلق بمحذوف تقديره: ويأخذه ببلده أي ويصبر ليأخذه ببلده. قاله الخرشي.
وندب الرجوع له بعد يومين؛ يعني أنه إذا أيسر بعد أن صام يومين، فإنه يندب له الرجوع للهدي، فلو تمادى على الصوم لأجزأه. وقوله: "تدب الرجوع" إلخ، قال محمد بن الحسن بناني: نحوه لابن الحاجب وابن شأس، وأصله قول اللخمي: استحب مالك لمن وجد الهدي قبل أن يستكمل الأيام الثلاثة أن يرجع إلى الهدي، وفي المدونة: إن صام ثلاثة أيام في الحج ثم وجد ثمن الهدي في اليوم الثالث فليمض على صومه، فإن وجد ثمنه في أول يوم فإن شاء أهدى أو تمادى على صومه. انتهى. قال مصطفى: فأمره بعد يومين بالتمادي، وخيره في أول يوم وكل ذلك مخالف لما هنا. انتهى. قال محمد بن الحسن: قد يصح حمل ما ذكره المصنف ومتبوعاه على ما في المدونة؛ بأن يراد باستحباب الرجوع بعد يومين؛ أي وقبل الشروع في الثالث كما نقله التتائي عن ابن ناجي، خلافا للخمي، وأن المراد بالتخيير الذي فيها عدم اللزوم، فلا ينافي الاستحباب. انتهى. وقول عبد الباقي: يجب الرجوع للهدي إن أيسر بعد الشروع في الصوم وقبل كمال يوم غير صحيح. قاله بناني أيضا. وقال عبد الباقي: وأما بعد تمام الثالث فلا يرجع لأنها قسيمة السبعة، فكانت كالنصف كما في التتائي، وهو يقتضي أن ليس له الرجوع إلى الهدي مع أنه هو الأصل. وفي الحطاب ما نصه: قال ابن رشد: لو وجد الهدي بعد صوم الثلاثة لم يجب عليه إلا أن يشاء. انتهى.