وغبار طريق؛ يعني أنه لا قضاء في دخول غبار الطريق لحلق الصائم غلبة وإن لم يكثر الغبار، وأما دخول غبار غير الطريق لحلقه غلبة فالقضاء فيما يظهر، وانظر إذا كثر غبار الطريق وأمكن التحرز منه بوضع حائل على فيه، هل يلزم بوضعه أم لا؟ وهو ظاهر كلام غير واحد. قاله عبد الباقي. وقال الشبراخيتي عند قوله: "وغبار طريق": لأنه أمر غالب، وانظر إذا كثر الغبار بحيث يعلم أو يظن أنه إن لم يجعل على فيه حائلا دخل فيه الغبار بحيث يصل إلى حلقه، فهل يلزمه وضع حائل أم لا؟ والثاني هو ظاهر كلام غير واحد. انتهى.
قال مقيد هذا الشرح عفا الله تعالى عنه: وإذا كان ظاهر كلام غير واحد فلا يظهر العدول عنه ولا التوقف فيه، ولقد صدقا في أنه ظاهر كلام غير واحد. والله سبحانه أعلم. قال الشبراخيتي: والظاهر أن الذباب ونحوه كذلك. انتهى. يعني، هل يلزمه وضع حائل على فيه أم لا؟ وظاهر كلام غير واحد أنه لا يلزمه ذلك. وقال الشبراخيتي أيضا: وانظر غبار غير الطريق، والظاهر أنه يجب به القضاء: فيختلف حكم غبار الطريق وغيرها. انتهى. قال مقيد هذا الشرح عفا الله تعالى عنه: قد يكثر غبار غير الطريق بحيث لا يمكن التحفظ منه، ولو وضع على فيه وأنفه شيئا، وحينئذ فالظاهر أنه لا يضر كما يفهم من قولهم المار؛ لأنه أمر غالب. والله سبحانه أعلم. انتهى. وغزل النساء الكتان ويريقن الخيط بأفواههن يجوز مطلقا إن كان الكتان مصريا، وإن كان دمنيا له طعم يتحلل جاز للمحتاجة وكره لغيرها، وأفتى ابن قداح بأن غزالة الكتان إذا وجدت طعم ملوحته في حلقها بطل صومها. ذكره الحطاب. وقال بعده: ومن ابتلع خيطا من حرير أو كتان فعليه القضاء إن لم تكن صنعته، فإن كانت صنعته فهو كغبار الدقيق انتهى. وهو مخالف لفتوى ابن قداح، وذكر ابن غازي في تكميل التقييد في قولها: أو يلمس الأوتار بفيه أو يمضغها، ما نصه: في بعض التقاييد يعني وتر قسي الرماة والقطانين؛ لأنهما يصلحان بالريق وغزالة الكتان تحتاط وتمج ما استطاعت لأنه صنعتها. انتهى.
وأخبرنا شيخنا الحافظ أبو عبد الله القوري أن فقهاء العبادسة كانوا يشددون في غزل الكتان، وأن فقهاء الونشريسيين كانوا ينكرون ذلك عليهم. انتهى. كلامه. قاله عبد الباقي.