المفهوم أيضا من أفطر من غير الفم فإنه يقضي في النفل ولا كفارة عليه في الفرض، -كما مر- ويرد على المفهوم أيضا من أمذى مطلقا ففيه القضاء في الفرض والنفل ولا كفارة، ويرد على المفهوم أيضا مسائل التأويل القريب، فإنه لا كفارة معه في الفرض ويقضي في النفل، لكن قال الحطاب فيمن أفطر في النفل ناسيا ثم أفطر ثانيا عمدا: فإن كان بلا تأويل قضى، وإن كان بتأويل فظاهر كلام ابن ناجي أنه لا قضاء عليه، والظاهر أنه يجري هذا في بقية مسائل التأويل القريب في النفل؛ لأن القضاء في النفل بالعمد الحرام، ولا حرام مع التأويل قاله محمد بن الحسن. وإذا تأملت هذا علمت أن قوله: وفي النفل بالعمد الحرام أحسن مما هنا، وأنه مغن عنه، ولا يرد عليه ما ورد على ما هنا. والله سبحانه أعلم.
ولا قضاء في غالب قيء؛ يعني أن الصائم إذا خرج منه قيء غلبة ولم يزدرد منه شيئا فإنه لا قضاء عليه، فإن ازدرد منه شيئا بعد أن بلغ موضعا يقدر على طرحه منه كما إذا وصل إلى لسانه، فإنه يجب عليه القضاء رجع عمدا أو غلبة أو سهوا، فإن ازدرده قبل أن يبلغ موضعا يمكن طرحه منه فإنه لا قضاء عليه -كما مر- ومفهومه أن المستدعى فيه القضاء. كما مر. وقال ابن عرفة: القيء غلبة لغو إن لم يرجع منه شيء، وإن رجع بعد فصوله غلبة أو نسيانا، ففي القضاء رواية ابن أبي أويس في الغلبة، وابن شعبان في الناسي، فخرج اللخمي قول أحدهما في الآخر، وظاهر قول ابن الحاجب أنه عمدا كذلك لا أعرفه، بل ظاهر أقوالهم أنه كأكل. انتهى. والظاهر أن ما قيل في القيء يقال في القلس، وقال ابن عرفة: ابن حبيب في ابتلاع القلس جهلا: الكفارة. ابن القاسم مع رواية ابن نافع: لا قضاء في ابتلاعه ناسيا. قاله الرهوني.
وذباب؛ يعني أنه لا قضاء فيما يدخل في فم الصائم من الذباب غلبة، وكذا البعوض كما في الجلاب. نقله الحطاب. وقوله: "وذباب"؛ لأن الصائم لا بد له من كلام، والذباب يطير فيسبق لحلقه، ولا يمكنه الامتناع منه، فأشبه ريق الفم. قاله سند. قال عبد الباقي: ويفهم منه أن البعوض ونحوه ليس كالذباب إلا أن يكثر طيرانه حتى يغلب دخوله، وبالبعوض جزم في الجلاب. انتهى.