يقول لم أفهم، فإن الوجه إذا لم يحمر في هذا لم يبيض أبدًا. وينسب إلى عمر رضي الله تعالى عنه: من رق وجهه رق علمه، وقال مجاهد: لا يتعلم العلم مستحي ولا مستكبر، وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: (نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في دين الله تعالى (?))، وقالت أم سليم لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يستحيي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ (?))، وقال الشاعر:

وليس العمى طول السؤال وإنما ... تمام العمى طول السكوت على الجهل

وقالوا: من رق وجهه عند السؤال، ظهر نقصه عند اجتماع الرجال، ولابد أن يكون ذلك بأدب وتلطف وحسن تأنٍّ، فإن الحياء لا يأتي إلا بخير وإنما طلب زواله لحاجة التفقه في الدين مخافة البقاء في غمرات الجهل، ولابد من الاقتصار على ما لم يكن منه بد، والمحافظة على الحياء فيما وراء ذلك، وقد كان صلى الله عليه وسلم فيما وصفه الواصفون (أشد حياء من العذراء في خدرها (?))، ومع ذلك متى احتاج لأمر لابد منه لم يعقه الحياء عن الحق، فقال للرجل المقر بالزنى: (نِكْتَهَا (?)) لا يكني لتوقف الحدود على مثل هذا، وأمر بذلك فقال: (من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا (?))، وقال علي رضي الله تعالى عنه: (كنت رجلا مذاء فاستحييت من رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته مني، فامرت المقداد أن يسأل (?)). الحديث. فالطالب متى أمكنه أن يستفيد العلم مع المحافظة على الحياء كان أولى، مع أن الحياء المطلوب هو الحياء عن الفحش وما لا ينبغي، وأما الحياء عن مجرد الكلام وما يحتاج كدأب النساء فلا فضيلة فيه. انظر القانون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015