أهله، وعن الخليل بن أحمد: ما تكتب بيت مال وما في صدرك للنفقة وكلام السلف في الترخيص في الكتاب والتحريض عليه كثير أيضا.
وأمَّا العَقْلُ فإن في الكتاب احتياطا للعلم عن أن يضيع بالنسيان وبموت أهله، والوجه الذي احتيط به [للقرآن (?)] فكتب في الصحف والمصاحف يُحْتَاطُ به للعلوم، ولولا الكتب المدونة لضاع كثير من العلم، ولولا التواريخ المؤرخة لم تصل إلينا علوم الأقدمين ولا عرفت تراجيح الناس، وأما الذين كرهوا الكتب من السلف كابن عباس وابن شهاب والنخعي والشعبي ونحوهم فإنهم كانوا عربا والعرب أعطوا الحفظ، فكانوا يحفظون القصائد والخطب في مجامعهم وأنديتهم ولا يستعيدونها.
وقد حدث النبي صلى الله عليه وسلم بخبر قس بن ساعدة، وأنه سمعه يخطب، وأنه لقيه في سوق عكاظ وسمعه يخطب، فحكى صلى الله عليه وسلم خطبته بوجهها ثم قال: مع شعر لا أرويه، فقال رجل: أنا أرويه إذ كان حاضرا معه فأنشده بوجهه، وجلس نافع بن الأزرق إلى ابن عباس يسأله عن مسائل، فإذا بعمر بن أبي ربيعة -فجلس وهو شاب- فأنشد عمر قصيدته التي يقول في أولها:
أمِنْ آلِ نْعم أنت غاد فمبكر ..................................
فقال نافع: عجبا لك يابن عباس، الناس يضربون إليك أكباد الإبل ليسمعوا منك وأنت تسمع الخنا من شاب من قريش، فقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: وأين الخنا؟ فقال نافع: قوله -أي- في هذه القصيدة:
رأت رجلا أما إذا الشمس عارضت ... فيخزى وأما بالعشي فيخصر