أخرت ولا تأخير ما عجلت، ويقول: (اللهم إني أعوذ بك أن أَضِل وأضل وأذِل وأذَل وأظلم وأظلَم وأجهل أو يجهل علي، عز جارك وجل ثناؤك ولا إله غيرك (?))، وغير ذلك من الأذكار الواردة عند الخروج، وليقل: اللهم ثبت جناني وأدر الحق على لساني ونحو ذلك من الدعاء اللائق به: ثم لا يزال ذاكرا الله تعالى وداعيا ومتعوذا إلى أن يصل إلى مجلسه، فإن كان في مسجد حياه بتحية وإلا فالركوع حسن إن كان الوقت، ثم سلم على الحاضرين وجلس مستقبلا إن أمكن بسكينة وتواضع ووقار متربعا، أو كجلسة التشهد أو نحو ذلك مما يمكن، ولا يمد رجليه ولا إحداهما من غير عذر ولا يرفع إحداهما على الأخرى، ولا يتكئ على يديه، ولا يكون على حالة تؤذن بالاستخفاف بالجلساء أو خفة وطيش كالعبث باللحية، وإدارة الخاتم وفرقعة الأصابع وتشبيكها، وكثرة الضحك والالتفات والمزاح، ولا يكون أيضا على حالة تشغل الفكر كالجوع الشديد والعطش والهم والنصب والنوم والقلق والحر والبرد المؤلمين ونحو ذلك.
ومِنْهَا: أن يبرز للناس لينتفع به القوي والكبير والصغير والضعيف، وهذا يختلف باختلاف العلوم، فرب علم يصلح للعامة كظواهر الشرع وما في معناها من المواعظ والتنبيهات والحكم، فلا بد أن يتخذ له مجلسا عاما بارزا فيه لينتفع به الراوي والمستفتي والسائل على الإطلاق، وعلم آخر إنما هو للخاصة كدقائق التصوف وعلم الكلام وسائر العلوم العقلية، فلا بد أن يجعل لأربابه خاصة حيث يصلح بهم ولا يتأذون بغيرهم ولا يتأذى بهم، ولينزل المتعاطين منازلهم في السن والشرف والنجابة، وقد كان صلى الله عليه وسلم يكرم أصحابه ويكنيهم ويسميهم بأحب أسمائهم إليهم، وهذا مع التلطف بالجميع وخفض جناح الرحمة لهم.
واعلم أن الانتفاع بالعلم بالعمل به وبثه للعباد، فبالعمل به في نفسه ينتفع به عند الله تعالى، وبتعليم العباد ينتفع عند الله تعالى وعند العباد. واعلم أن من لم يعظم العلم لا ينفعه الله تعالى به، ومن أهانه أهانه الله تعالى كما قيل: