ويروى عن الإمام مالك رضي الله تعالى عنه: بلغني أن العلماء يسألون يوم القيامة كما يسأل الأنبياء؛ يعني عن التبليغ. والله سبحانه أعلم. وعن ابن القاسم: كنا إذا ودعنا مالكا يقول لنا: اتقوا الله وانشروا هذا العلم وعلموه ولا تكتموه، وفي الحديث: (ألا أخبركم عن الأجود؟ اللهُ الأجودُ، وأنا أجودُ ولد آدم، وأجودُهم من بعدي رجل علم علما فنشره (?)).

وكتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى إلى بعض عماله: أما بعد فمر أهل الفقه والعلم من جندك فلينشروا علمهم في مجالسهم ومساجدهم والسلام.

وعن علي كرم الله وجهه: من علم وعمل وعلَّم دعي في ملكوت السماوات عظيما، وفي الحديث: (ما تصدق رجل بصدقة أفضل من علم ينشره (?)).

وينبغي للمدرس إذا خرج إلى مجلسه أن يتطهر من الحدث والخبث، ويتنظف ويلبس أحسن ثيابه مما يليق بمثله في زمانه وبلده قاصدا بذلك تعظيم العلم وتبجيل الشريعة لا رياء ولا فخرا ولا شرفا ويختلف الحال باليسار والوقت، فمن الناس من يغلب عليه حال العلم والمعرفة فينبسط، ومنهم من يغلب عليه حال الخوف والورع فينقبض ويتقشف والكل على هدى، ثم يركع ركعتي الاستخارة إن كان وقت ركوع طالبا من الله تعالى أن يختار له؛ لأن نشر العلم وإن كان مطلوبا قد يعرض له ما يكون به محرما أو مكروها، ولو كان مطلوبا فقد يكون شيء آخر أهم منه وأوكد وأولى بالتقديم فلا بد من النظر في هذا كله، والاستعانة بالاستخارة ليلا يقع في محظور وهو يظن أنه في مأمور وهو شأن كل مغرور، فنسأل الله تعالى العافية بمنه، وليستحضر نية صالحة في بث العلم وبيان فوائده وتبليغ أحكام الله تعالى إلى عباده، والإعانة على الدين ونية غرس العلم وحياطته عن شبهة الضالين وتخليط الجاهلين، ونحو هذا من المقاصد الحسنة، ويستعيذ بالله تعالى من النية الفاسدة والمقاصد الخَسِيسَة.

وإذا خرج من بيته يقول: بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، بسم الله على نفسي ومالي وديني، اللهم رضني بقضائك وبارك لي فيما قدِّر لي حتى لا أحب تعجيل ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015