ويكسف نوره ويمنع المزيد منه، وروي عن سفيان بن عيينة رضي الله تعالى عنه: أوتيت فهم القرآن، فلما قبلت الصرة من أبي جعفر سلبته، وَمِنْهَا: أن يتنزه عن أدنى الأفعال والرذائل طبعا وشرعا، فلا يشتغل بحرفة رذيلة، ولا أمر منكر ولا خارج عن المروءة، ولا موهم لذلك لأنه إما أن يتبعه من وراءه في غير أمر محدود، وإما أن يقع فيه فيهتك عرضه ولا ينتفع به، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: (إنها صفية (?))، فحق كذلك على العالم إن وقع في شيء له وجه لم يعلمه الناس أن يبينه، وَمنْهَا: أن يأخذ نفسه بالكمال في أفعاله وأقواله ليكون قدوة لغيره، فيحصل له أجره وأجر من تبعه، ومنها: أن يجاهد في رياضة نفسه وتطهيرها من جميع الصفات المذمومة كالكبر والعجب والرياء والحسد والحقد وحب الدنيا، وغير ذلك مما شرح في كتب التصوف وتحليتها بالكمالات أضدادها لتحصل له التخلية والتحلية، فيجمع بين الظاهر؛ والباطن ولا يرضى بمجرد الظاهر فإن الباطن هو اللباب، وَمنْهَا: الدوام محلى تعاطيه والحرص على الازدياد منه، وَمنْهَا: أن لا يستنكف عن أخذ العلم ممن لقي ولو دونه، فإن الحكمة ضالة المؤمن يأخذها أينما وجدها، وبهذا يكثر استمداده ويدوم انتفاعه، وقد أخذ جماعة من الصحابة عن التابعين، ومنها: أن يبث علمه للناس ويودعه صدور الرجال، فبذلك تنبت شجرة العلم وتتصل مادته وذلك بالتدريس والتلقين والتصنيف والإفتاء: وقد قال صلى الله عليه وسلم لعلي يوم خيبر: (لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم (?)).
ويروى من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (مثل الذي يتعلم العلم ولا يحدث به مثل الكنز ولا ينفق منه (?))، وفي رواية أخرى: (مثل الذي يتعلم العلم ولا يحدث به الناس كمثل الذي رزقه الله مالا لا ينفق منه (?))، وقال علي كرم الله وجهه: لم يؤخذ على الجاهل عهد بطلب العلم حتى أخذ على العلماء عهد ببذل العلم للجهال؛ لأن العلم كان قبل الجهل، وفي حديث آخر: (من الصدقة أن يتعلم الرجل العلم فيعمل به ثم يعلمه (?))،