وكيف يصح في الأذهان شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل

الخامس: اعلم أن الرحلة في طلب العلم من شأن الرجال؛ إذ بها يحصل نيل الآمال، قال تعالى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً}، وإن كان في الجهاد فالعلم أيضا من جملة سبيل الله إذا أريد به وجه الله تعالى، وقد روى حديث [عن (?)] أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله (?))، وقال تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ}، وهذا يحتمل وجهين: أحدهما: أن الخروج للتفقه وهو غرضنا، الثاني أنه للغزو ليتفقه الباقون وفي كليهما الحض على طلب العلم، ومن لم يجده في مكانه ارتحل إليه، وقال صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله (?)). الحديث. فالهجرة كانت لفائدة الخروج عن الفتن والشواغل والعوائق، والوصول إلى العلم وتيسير الدين والرحلة في طلب العلم كذلك، وقال صلى الله عليه وسلم: (اطلبوا العلم ولو بالصين (?))، ورحل جابر بن عبد الله إلى الشام في حديث واحد، قال: بلغني حديث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فابتعت بعيرا فشددت عليه رحلي، ثم سرت إليه شهرا حتى قدمت الشام فإذا عبد الله بن أنيس الأنصاري، فأتيت منزلة فأرسلت إليه إن جابرا على الباب فرجع إلي الرسول، فقال: جابر بن عبد الله؟ فقلت: نعم، فخرج إلي فاعتنقته واعتنقني، فقلت: حديث بلغني عنك أنك سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أسمعه أنا منه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يحشر الله تبارك وتعالى العباد أو الناس وأومأ بيده إلى الشام عراة بُهْمًا غُرْلًا، قال: قلنا ما بُهْمًا؟ قال: ليس معهم شيء، فيناديهم بصوت يسمعه من بَعُدَ ويسمعه من قَرُبَ أنا الملك الديان لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015