ويروى أنه إذا كان يوم القيامة عزل الله تبارك وتعالى العلماء على الحساب، فيقول: ادخلوا الجنة على ما كان فيكم، إني لم أعمل حكمتي فيكم إلا لخير أردته بكم، وفي حديث: (يبعث الله العباد يوم القيامة، ثم يميز العلماء، ثم يقول لهم يا معشر العلماء: إني لم أضع علمي فيكم إلا لعلمي بكم، ولم أضع علمي فيكم لأعذبكم، اذهبوا فقد غفرت لكم (?))، وقيل: أوحى الله تعالى إلى إبراهيم عليه السلام: إني عليم أحب كل عليم، وروي (أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بمجلسين في المسجد، أحدهما يدعون الله ويرغبون إليه، والآخر يتعلمون الفقه ويعلمون، فقال صلى الله عليه وسلم: كل المجلسين على خير وأحدهما أفضل من صاحبه، أما هؤلاء فيدعون الله ويرغبون إليه، فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم، وأما هؤلاء فيتعلمون ويعلمون الجاهل، وإنما بعثت معلما ثم أقبل فجلس معهم (?)).

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (العالم أمين الله في الأرض (?))، وقال أبو الأسود الدؤلى رحمه الله تعالى: الملوك حكام على الناس والعلماء حكام على الملوك، وعن ابن شهاب: العلم ذكر يناله ذكور الرجال، وسأل رجل ابن عباس عن الجهاد، فقال: ألا أدلك على ما هو خير لك من الجهاد؟ تأتي مسجدا فتعلم فيه القرآن وسنن النبي صلى الله عليه وسلم والفقه في الدين. وقال بعضهم: اطلبوا العلم فإن كنتم ملوكا برزتم وإن كنتم سوقة عشتم، وقال الحجاج لخالد بن صفوان: من سيد أهل البصرة؟ قال: الحسن، قال ذلك وهو مولى، فقال: احتاج الناس إليه في دينهم، واستغنى عنهم في دنياهم، وما رأيت أحدا من أشراف أهل البصرة إلا وهو يروم الوصول إليه في حلقته ليستمع قوله ويكتب علمه، فقال الحجاج: هذا والله هو السؤدد. قاله في القانون.

واعلم أن كل ما يذكر في فضيلة العلم وطلبه إنما يكون تنبيها وترغيبا، وإلا ففضله غني عن الكمال لأنه كمال الإنسان وبه امتاز عن سائر الحيوان، ثم هو مناط الشرع والتكليف، ومفتاح التعرف والتعريف، أفيحتاج إلى بيان وبه يكون البيان؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015